13‏/01‏/2017

حكاوي المغتربين / بقلم : عبدالناصر احمد

لا يتوفر نص بديل تلقائي.


كتب . عبدالناصر أحمد 
استيقظ مع الساعات الاولي لطلوع الفجر علي عجَلٍ لتستيقظَ معه أحلامه اليومية البسيطة والمشروعة من حلم العودة وحلم الزواج وحلم بناء بيت او شقة وحلم مساعدة والديه وإراحتهم والتي تنشط عادة مع نشاط جسمه في ساعات الصباح الاولي صائحا بصوته الجهوري لزميليه بنفس الغُرفة (إصحوا يا بشر) ليلحق ثلاثتهم بالحافلةِ المتجهة من سكنهم الكائن باحدي الاحياء الشعبية بتلك الدولة النفطية الوليدة الي مدينة سكنية في طَور الإنشاء مارِّين بالمطعم الملاصق لسكنهم العُزّابي لأخذ (الزوّادة) مهرولين نحو اقرب محطة انتظار الحافلات لركوب (الباص) حفاظا علي لقمة عيشهم ولسان حال كل منهم يقول لو تأخرنا عن ذلك فان كاتب الدوام سوف يسجلنا بدفتر الحضور (غياب) . 
  كانت منطقة العمل منذ اشهر قليلة صحراء قاحلة يتوسطها طريق ترابي طالما غطّته الكثبان الرملية التي تحول دون وصولهم لموقع العمل الا بمساعدة إحدي معدّات الحفر والتي وُضعت علي جانبيْ الطريق خصيصاً لازالة الكثبان الرملية المتكونة بفعل الرياح والاتربة .
  لم يمضي الحول حتي شُقّت الطرق الأسفلتية وعَلتها المباني الشاهقة والقسائم السكنية وأُحيطت بحزامٍ شجري كثيف ليمنع او ليخفّف من حدة دخول الأتربة والشوائب الي سكان تلك المدينة المتكاملة مستقبلاً . سرعان ما ينموا ويزهوا ذلك الشجر تدريجيا ليمثل حائط صد حول المدينة . أضف الي كل ذلك بنية تحتية متكاملة من صرف صحي وطرق ومياه لشرب واخري للري .... الي آخره من مرافق عامة . 
  ما لفت أنظارهم واستحضر فيهم حبا نسبيا في البقاء بتلك الدولة وطرح بعض الاسئلة معلومة الاجابة في دواخلهم ليكونوا مجبرين بعدها بان يضعوا بلادهم في مقارنةٍ مع هذه البلد النفطية .
فقال الاول اوليست مصر هبة النيل كما يقولون ونحن بلد زراعي في المقام الاول فلم اذن نستورد كل انواع الحبوب والملابس . وقال الثاني انظر الي مواقع العمل وابحث عن المهندسين به ستجد جلهم مصريين اذن فنحن بلد العلم وقال الثالث صدقتما ولا تنسيا اننا قوة بشرية وعددنا اقترب من المئة مليون ومواردنا الطبيعية بما فيها البترول لا نري لها اثرا في بلادنا . فهل يا تري ما السبب الذي جاء بنا الي هنا اوضاقت بنا رحابتها بان نجد فيها لقمة عيش شريفة تسد الجوع ؟
هنا يا زميلي العزيز نجد التمويل جاهز بامداد المشروعات بالاموال كما تجد سرعة في البناء ودقة في التنفيذ وتفاني في العمل وإخلاص ان لم يكن نابعا من حصولك علي المقابل الجيد فهو نابع من المراقبة والخوف من المحاسَبة تحت مبدأ الثواب والعقاب .
  أجهزة رقابية شديدة التعقيد بالممشروعات القومية والفردية علي السواء ( مكاتب استشارية للتخطيط تحتها شركات للتنفيذ يعلوها وزارات حكومية هندسية متخصصة للإشراف والمتابعة واستلام الأعمال حسب الشروط المتعاقَد عليها وحسب أصول الصناعة  طبقاَ لأكواد عالمية لها سابقة أعمال في مجال البناء والتشييد يجعل بكل موقع مهندساً مقيماً كفؤاً وظيفته التقييم وكتابة التقارير اليومية الشاملة من عدد عمال ومعدات ومهندسين وفنيين وكشوف الحضور والإنصراف وأجهزة رقابية اخري للتجاوزات الفنية والمالية قَل ما تجد مثلها في بلدنا  . كل هذا يمنع دون حدوث سرقات او تجاوزات او اي عبث بتلك المشروعات الجبارة ومن ثم العبث بارواح المواطنين . 
 هكذا يكون مفهوم تعريف المحاسَبَة . 
ديننا الحنيف وضع ددستورا قبل الف واربعمائة سنة لحل تلك الاشكالية من الجذور نعم لقد بين لنا بان أعلي درجات الإيمان هو الإحسان كما عرّفه جبريل عليه السلام للنبي الكريم صلي الله عليه وسلم بأن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك . لاحِظ  ( كأنك تراه ). يليها اعطاء الاجير اجره قبل ان يجف عرقه يعني دفع المقابل .والمقابل الذي يكفي لعيش حياة كريمة لك ولاسرتك . 
تسائَل العمال أوليست هذه الدولة بها من الثروات ما في بلادنا وان اقتصرت عندهم علي النفط وتعددت صورها عندنا من زراعة وايدي عاملة وعلم . ولماذ لا يكون هناك مشروعات كبيرة مثل تلك عندنا ؟. 
  لا يطرح كل منهم سؤاله لينتظر من زميله الاجابة ؟ كلا . وذلك لأنه يعلم تماما اجابته جيدا ولكنها حكاوي العمال مع بعضهم البعض التي تطوي عنهم طول السفر وطول النهار الذي هو اطول من المسافة بين موقعهم ومكان السكن .

0 تعليقات:

إرسال تعليق

شاركنا برأيك

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية