فن الواو الصعيدي
فن الواو الصعيدي
الثلاثاء : 13/04/2010
الكاتب : محمد عرفة توفيق -الدمام -
تظهر في البيئات الشعبية أنواع مختلفة من الفنون تعيش مع الزمن وتحتفظ بقالبها القديم تتلاءم أحياناً مع تطورات العصر لكنها أحياناً تحتفظ بقالبها المتجمد نفسه لأنه أحياناً يكون منبع الجمال في احتفاظها بالقالب نفسه. من هذه الفنون فن الواو الصعيدي:
فن الواو الصعيدي فن سماعي من الدرجة الأولى إذ إنه في حال كتابته تنكشف تلك الحيل اللغوية والناتجة عن ترتيب القوافي فيه مع استخدام الجناس بكثرة لخدمة معنى القصيدة. أرجعت أغلب الكتابات عن أصل فن الواو إلى الشاعر الأمي -أحمد ابن عروس- مواليد عام 1780م إبان عصر المماليك في محافظة (قنا)جنوب مصر والذي اشتهر بمعاداته وكراهيته لحكم المماليك. كما ذكر الأستاذ أحمد رشدي في كتابه:الأدب الشعبي ص 119 أن أحمد بن عروس من مواليد قرى قوص في قنا أوائل القرن الثاني عشر الهجري. لماذا سمي فن المربع بالواو؟ يكثر استخدام واو الربط في فن المربع لسببين: أولهما:أن الشاعر كان يلقي أبياته ثم يتوقف برهات يقوم فيها المستمعون بفك معاني الأبيات ثم يرجع يربط الأبيات السابقة مع الجديدة مستخدماً واو الربط فيكثر بذلك ذكرها. والسبب الثاني أن يقول الشاعر في بداية القصيدة قال فلان ويقول فلان قاصداً عدم ذكر اسمه خوفاً من أثر القصيدة إذا كانت من النوع السياسي. لكن أجمل ما يميز هذا الفن قصر جمله لأنه شعرياً يعتمد على نظام الشطرات الأربع أي أن البيت ينقسم إلى أربع شطرات يتوافق فيه الشطر الأول والشطر الثالث في قافية واحدة، والشطر الثاني مع الشطر الرابع في قافية مماثلة للقسم الأول مثل قول الشاعر: لا تذل نفسك لإنسان في باطنه لك سوادي صده وخليك منصان عنه ولو كان يعادي وهنا يكثر استخدام الكلمات ذات الشبه الواحد مختلفة المعاني ويتفنن الشاعر في جلب أكبر كم من الجمل ذات الشكل المتغير في نص واحد. وقد يتشابه فن المربع مع فن الموال البغدادي إذ إنهما يجتمعان في استخدام هيئة الأشطر الأربع. وقد استخدم فن الواو في رواية السيرة الهلالية بطريقة رائعة يجتمع فيها سرد الأحداث برواية مع جمال الصوت وتوزيع الكلمات كقول الشاعر: الجاز زايد جلعها ومتبغددة في المرية كمركب وفارطة قلوعها بتعوم في شبر ميه الجاز: إحدى شخصيات السيرة الهلاية, جلعها: دلالها, متبغددة: فرحة بنفسها, المرية: المرآة, فارطة قلوعها: فكت أشرعتها, تعوم: تسبح. وغالباً ما يستفتح الشاعر روايته بالصلاة على النبي -صلي الله عليه وسلم-: أبدأ بمدحي في طه سيد ربيعة وغالب طبع الخلايق خطاها وبتوب والطبع غالب وحين نبحث عن أكثر البحور المستخدمة في فن الواو نجدها في بحر المجتث المعروف عنه الطابع الطربي كقول أحمد بن عروس: لابد من يوم معلوم تترد فيه المظالم أبيض على كل مظلوم وأسود على كل ظالم وتنقسم المربعات(فن الواو) إلى نوعين: المربع المفتوح وهو المستخدم في غالبية شعر بيرم التونسي وهو شعر سهل فهمه للعامة. النوع الثاني المربع المغلق وهذا من الصعب فهمه إلا للعالمين بأسرار اللهجة الصعيدية وفي غالبية أشعار الواو تجد فيها تأصيلاً لأعراف الصعيد وأخلاقياته ومنها قول الشاعر: مسكين من يطبخ الفاس ويريد مرق من حديده مسكين من يعاشر الناس ويريد من لا يريده الفاس: الفأس, مرق: حساء. كما استخدم شعراء العامية الواو في الشعر السياسي كقوله: حارب ماتخشاش ميته موت الفراش مش بطولة تتحرر القدس ميته والكل واقف بطوله ما تخشاش:لا تخاف, ميته: ميتة, ميته: متى, بطوله: وحيداً. لقد عبر فن الواو عن الصعيد وعادات أهله خير تعبير وتلك من أسباب بقائه إلى الآن وأترك القارئ مع ختام المقال: النصر هيهل لمه نمحي الوهن م القلوب ونلم بعضنا لمه ونعدل المقلوب لمه: عندما, نلم: نجمع, لمه: مجموعة. |
التسميات: فنون
0 تعليقات:
إرسال تعليق
شاركنا برأيك
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية