سكرين شوت *
ما إن بدأ بتدشين صفحته الشخصية علي الفيس بوك بدافع حب التجربة بعد ان حكي له بعض الأصدقاء عن ذلك الموقع الذي جعل العالم حجرة صغيرة جمعته بابن عمه المقيم بالخليج وشقيقه الذي يدرس بالغرب .
ووضع صورته الشخصية وهو بين الحقول حتي انهالت علبه بعدها طلبات الصداقة من كل حدب وصوب .
أعجبه الفيس بوك لسهولة استعماله وقراءة مُجمل الأحداث في دقائق معدودة من خلال تمرير الإبهام بشاشة الهاتف صعوداً ونزولاً .
أنشأ صغحته من باب التسلية كأن يدخل الموقع من بعيد ليعرف الأخبار ثم يخرج فلا يحس به أحد . هذا ما نصحه به "الفسابكة" الضليعون وهم المعنيون بتلك السطور .
تطور الأمر فأضاف أصدقاء الأصدقاء ليصل عدد أصدقاءه الي المئات في مدة قصيرة .
ذلك الأمي الذي يقرأ بالكاد انضم الي قائمة اصدقاءه الأديب فلان والدكتورة فلانة وقد قبلوه صديقا علي صفحاتهم ليشارك ويعلق وقد اعتبروه أحد افراد عائلتهم وأحد لبنات "حائطهم الفيسبوكي" إن جاز التعبير .
إن الذي منحته صك الدخول الي صفحتك واستطاع دون غيره التعليق علي منشور لك علق اعلاه اخوك واسفل منه اختك وقد تحدث في مجلسك دون مراعاة انك مالك البيت يجب ان يُختار بكل عناية .
من المحزن انك ربما قد تكون أبدَيت إعجاباً بصفحةٍ فنية عبثاً مثلاً ذات مرة وقد طاشت يدك وقتها فحدث الإعجاب بدون قصد ربما او حتي بقصد . فيسرع ذلك الصديق المزيَّف ليدلل من جديد علي مكره الأكبر وسفهه فيلتقط " سكرين شوت " screenshot للحظة إعجابك تلك ثم ينشرها علي الصفحات ولسان حاله يقول " هذا الذي تقولون عنه المهذب المتدين" .
اي صداقة تلك ؟ . بل هي العداوة والنذالة بعينها.
او انك ربما كنت في يوم ما صاحب توجُّه ثم تغيرت القناعات بتغير الأحداث فيقوم بالالتقاط ثم ينشر ولسان حاله يقول ايضا " هذا الذي تقولون عنه العاقل المعتدل" .
إن لاقط سكرين شوت لعثرة لسان او لطيش قلم او لتبدُّل أيديولوجيات ثم ينشر علي الملأ بالضبط كالذي تسلَّق حائط جاره ليسترق السمع والبصر ثم يخرج الي الناس فينشر حرمات جاره ويشحذ سيفه الصدئ ليحارب طواحين الهواء ظناً منه انه في مهمة مقدسة. مدّعٍ بذلك حب الأوطان وغيره الأعادي الأدعياء.
إن كلمة صديق لا تليق بذلك المَوتور الواهم وجدير بالحذف والحظر من قائمة الصداقة الي الأبد .
نفس ذلك الشخص ربما تنزل بك نازلة لا قدر الله فلا يواسيك وان قابلك حتي وجها لوجه . اي تناقض هذا ؟
إن من الجور الترحيب بكل من تقدم بطلب صداقة تحت مسمي " جبر الخواطر ".
كيف لأستاذ جامعي ان يصادق علي صفحته تلميذه الغبي المشاغب بل وكيف للرفيع قبول صداقة الرقيع .
إذن فليضبط كل منا بوصلته ويبحر الي وجهته التي يريد .
ولا تلتقط لعاثر "سكرين شوت" لتتوعد وتهدد وقد أظهرت عورة له ظن أنك ستسترها .وربما تنكفئ علي وجهك يوماً ما فتنكشف لك عورات ثم يسترك .
ولا تقل "هلك الناس" واستعن بالصبر وحسن الظن واقبل ما يُقال فيك وليكن عزاؤك حديث النبي الكريم صلي الله عليه وسلم : ( إِنَّمَا النَّاسُ كَالإِبِلِ المِئَة ، لا تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلة ). حديث صحيح
وليكن عزاؤك الأكبر تفسير العلماء للحديث علي الوجه الذي يقول "ان الناس كثيرون ولكنك نادراً ما تجد فيهم الإنسان الإنسان" .
* نشر بالقبس الكويتية .
0 تعليقات:
إرسال تعليق
شاركنا برأيك
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية