26‏/10‏/2018

ماذا يقرأ بيا جيتس ؟

أجرى موقع جود ريدز المتخصص في قياس معدلات القراءة و تصنيف الكتب الكترونيا حوارا مع الملياردير الامريكى الشهير بيل جيتس مؤسس و رئيس مجلس إدارة شركة مايكروسوفت المتخصصة في أنظمة الحاسب الالى حول أسباب تفضيله للقراءة  ،  و عن المحاولات التي يبذلها لتخصيص وقت للقراءة  ، و يقدم جيتس في هذا الحوار  توصيات حول بعض الكتب التي استمتع بقراءتها .
لماذا أنت منحاز للقراءة ؟
قراءة الكتب واحدة من وسائلي المفضلة لتعلم أشياء جديدة ، و اعتقد أن كل شخص يستطيع أن يستفيد من خلال التعلم مدى الحياة . و الكتب تساعدك على أن تخرج من نطاق وجهة نظرك الخاصة ، و تطلعك على خبرات أناس أخرين . القراءة وسيلة عظيمة لفهم ما يدور في العالم من حولنا .
كيف تخصص وقتا للقراءة ؟
أحاول أن اقرأ كل يوم حتى في الأوقات التي أكون فيها مشغولا أو مسافرا . واحدة من أسوأ عاداتي هي استمراري في القراءة حتى وقت متأخر من الليل إذا وصلت في قراءتي لمنتصف عدد صفحات كتاب عظيم و حينها لا أكون راغبا في أن أضع الكتاب جانبا . و عندما أتوجه لقضاء الإجازة فاننى أقوم بأخذ حقيبة قماشية مليئة بالكتب . و هذه الإجازة هي أكثر أوقات العام التي استطيع فيها القراءة بكثافة عندما لا أكون في اجتماعات و لدى وقت للراحة .
حدثنا عن توصياتك للقراءة ؟
عندما أرشح تلك القائمة المكونة من خمس كتب و التي من الممكن أن تستمتع بها هذا الصيف فاننى أدرك أن العديد من اختياراتي تشتبك مع أسئلة كبرى من عينة كيف تظهر علامات النبوغ ؟ لماذا تحدث أشياء سيئة لأشخاص جيدين ؟ من أين انحدرت السلالات الإنسانية و إلى أين نتجه ؟ 
و بالرغم من قضية المحتوى الثقيل لبعض هذه الكتب ، فان كل هذه الكتب كانت ممتعة في قراءتها و معظمها يتميز بان محتواها ليس كبيرا و حتى احد هذه الكتب التي تتميز بطول محتواها يمكن الانتهاء منه بسرعة . و إذا كنت تبحث عن شئ يمكن أن تقرأه خلال شهور الصيف فلن تستطيع أن تحيد عن هذه الكتب .
الكتب التي اقترحها بيل جيتس 
ليوناردو دافينشى – والتر ايزاكسون 
اعتقد أن ليوناردو يعد واحدا من أكثر الشخصيات إبهارا . و بالرغم من شهرته اليوم كرسام إلا انه كانت لديه طائفة واسعة من الاهتمامات بدءا من التشريح البشرى و حتى المسرح . و قد بذل ايزاكسون قصارى جهده في تضفير و ربط شذرات مختلفة من حياة ليوناردو و شرح العوامل التي جعلت منه شخصا استثنائيا للغاية . و من المفيد الاطلاع على السير الذاتية الرائعة التي كتبها ايزاكسون عن ألبرت اينشتاين و ستيف جوبز 
كل شئ يحدث لسبب و أكاذيب أخرى أحببتها  - كات باولر 
عندما تصاب كات باولر الأستاذة بكلية ديوك ديفينتى بمرحلة متقدمة من سرطان القولون فإنها تبدأ رحلة لفهم كيفية حدوث ذلك . أهو اختبار لشخصيتها ؟ النتيجة كانت مؤلمة ، و هي مذكرات ممتعة عن الإيمان و عما الذي يحدث لك عندما تكون على وشك الموت .
لينكولن في البرزخ – جورج ساوندرز 
اعتقد أننى اعرف كل  شئ احتاج معرفته عن أبراهام لينكولن ، لكن هذه الرواية جعلتني أعيد التفكير في عدة نقاط بشأن حياته . و الرواية مزيج بين حقائق تاريخية عن الحرب الأهلية الأمريكية و عناصر خيالية فانتازية ، و الرواية بشكل اساسى عبارة عن حوار بين 166 شبحا يتواجدون بجسد ابن لينكولن المتوفى . ازعم اننى حصلت على معرفة بالطريق الذي سلكه لينكولن في الحياة ، و كان مزيجا من الحزن و المسئولية . هذه الرواية واحدة من الكتب المبهرة و الغامضة التي سترغب في مناقشتها مع أصدقائك حينما تفرغ منها .
قصة النشأة : تاريخ كبير لكل شئ – ديفيد كريستيان 
لقد صنع ديفيد منهجي المفضل في كل الأوقات . فهذا الكتاب يحدثنا عن قصة الكون منذ الانفجار الكبير و حتى ظهور مجتمعات اليوم المعقدة ، من خلال نسيج متكامل من الأفكار و الأدلة من عدة تخصصات تمت صياغته في سردية واحدة . إذا لم يكن لديك معرفة بما يسمى ب(التاريخ الكبير ) فان هذا الكتاب يعتبر مقدمة رائعة حول هذا الموضوع . و سيجعلك هذا الكتاب أكثر إدراكا لموقع الإنسانية في الكون 
الحقيقة المتخمة – هانس روسلينج 
لقد كنت بصدد ترشيح هذا الكتاب منذ صدوره . و يقدم المحاضر العبقري في شئون الصحة العالمية الذي توفى العام الماضى لك في هذا الكتاب فرصة لتحقق تقدم معرفي في فهم حقائق أساسية عن هذا العالم ، و كيف تكون الحياة أفضل ، و إلى اى مدى يجب أن يظل العالم في حاجة إلى التحسن . و يقوم الكاتب بتضمين كل ذلك في حكايات طريفة لا تنسى من حياته . انه محتوى مناسب من رجل عبقري ، و يعد هذا الكتاب من أفضل الكتب التي قمت بقراءتها 

قالوا عن النجاح

نتيجة بحث الصور عن النجاح
نحن نسقط لكي ننهض... ونهزم في المعارك لنحرر نصراً أروع.. تماما كما ننام لكي نصحوا أكثر قوةً ونشاطاً. 
جون تشارلز سالاك
الرجل الناجح هو الذي يظل يبحث عن عمل، بعد أن يجد وظيفة !! 
جون تشارلز سالاك
ينقسم الفاشلون إلى نصفين: هؤلاء الذين يفكرون ولا يعملون، وهؤلاء الذين يعملون ولا يفكرون أبداً. 
جون جاردينر

لا يصل الناس إلى حديقة النجاح دون أن يمروا بمحطات التعب والفشل واليأس، وصاحب الإرادة القوية لا يطيل الوقوف في هذه المحطات.
جون جاردينر
إننا ندفع ثمنا غالياً من جراء خوفنا من الفشل. إنه عائق كبير للتطور يعمل على تضييق أفق الشخصية ويحد من الاستكشاف والتجريب، فلا توجد معرفة تخلو من صعوبة وتجربة من الخطأ والصواب .... وإذا أردت الاستمرار في المعرفة عليك أن تكون مستعداً طيلة حياتك لمواجهه خطورة الفشل. 
برنارد شو 
يلوم الناس ظروفهم على ما هم فيه من حال.. ولكني لا أؤمن بالظروف فالناجحون في هذه الدنيا أناس بحثوا عن الظروف التي يريدونها فإذا لم يجدوها وضعوها بأنفسهم. 
  روس بروت 
عندما أقوم ببناء فريق فأني أبحث دائما عن أناس يحبون الفوز، وإذا لم أعثر على أي منهم فأنني ابحث عن أناس يكرهون الهزيمة
وليام جيمس 
إن أعظم اكتشاف لجيلي ، هو أن الإنسان يمكن أن يغير حياته ، إذا ما استطاع أن يغير اتجاهاته العقلية 
يجب أن تثق بنفسك .. وإذا لم تثق بنفسك فمن ذا الذي سيثق بك !!؟؟ 
إن ما تحصل عليه من دون جهد أو ثمن ليس له قيمه . 
إذا لم تفشل ، فلن تعمل بجد . 
ما الفشل إلا هزيمة مؤقتة تخلق لك فرص النجاح . 
الهروب هو السبب الوحيد في الفشل ، لذا فإنك تفشل طالما لم تتوقف عن المحاولة . 
ونستون تشرشل
إن الإجابة الوحيدة على الهزيمة هي الانتصار . 
سومرست موم
لعله من عجائب الحياة ،إنك إذا رفضت كل ما هو دون مستوى القمة ، فإنك دائما تصل إليها 
كونفويشيوس
إن ما يسعى إليه الإنسان السامي يكمن في ذاته هو ، أما الدنيء فيسعى لما لدى الآخرين 
بابليليوس سيرس 
قد يتقبل الكثيرون النصح ، لكن الحكماء فقط هم الذين يستفيدون منه
  روزفلت


25‏/10‏/2018

التوصيلات المنزلية للصرف الصحي بنقادة والغاز الطبيعي في كوم الضبع

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏٣‏ أشخاص‏، و‏‏‏‏أشخاص يجلسون‏، و‏غرفة معيشة‏‏ و‏منظر داخلي‏‏‏‏

كتب . فتحي حمدالله
أعلنت م. فاطمة أحمد رئيس مجلس مركز ومدينة نقادة أنه يتم تذليل العقبات بشأن استكمال مشروع الصرف الصحي بنقادة والذي يسير طبقًا للخطة الموضوعة بعد اعتماد المبالغ المطلوبة من البنك الدولي .
وأضافت أحمد أن العمل يركز على عدة نقاط منها : العمل على حل مشكلة توصيل الصرف في الشوارع الضيقة والتأكيد على بدء الشركة في إنجاز التوصيلات المنزلية ، والبدء في توصيل الغاز الطبيعي في نقادة دون الانتهاء من الصرفي الصحي ودراسة امكانية توصيل الغاز الطبيعي لقرية كوم الضبع لوجود خدمة الصرف الصحي بالقرية ، وذلك في إطار سعي الدولة إلى رفع المعاناة عن الناس ليتم الانتهاء من توصيل الخدمات ثم رصف الطرق حتى يتم التطوير الشامل لمركز  نقادة . جاء ذلك من خلال اجتماع في مجلس مدينة نقادة في حضور قيادات شركة المقاولون العرب برئاسة المهندس عماد الذوق وقيادات شركة الغاز ومسئولي الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي ومدير مرفق المياه والمنشوره تفاصيله على صفحة رئاسة نقادة والمتحدثة باسم مجلس مدينة نقادة . 

23‏/10‏/2018

أحاديث الجن والسطل.. المجد للحكايات 2

بقلم . محمد فرحات 
وكلما ساد اليأس من الواقع الثقافي والكتابي في مصر ، كلما دهشتك موهبة جديدة أعادت الأمل ثانية ، وكأن الكتابة الإبداعية المصرية عنقاء تحترق ، لتنطلق ثانية من بين ركامها مبشرة بواقع جديد .
لتنطلق العنقاء المصرية في نهاية عام 2018 بكل مافيه على صورة رواية مصرية تحمل اسم ”  أحاديث الجن والسطل” وروائي يخوض تجربته الروائية الثانية بعد روايته الأولى ” قميص سماوي ” 2011 .
لنبدأ من عتبات النص ، متأملين مليا في العنوان ، وهل هو حيلة هروبية من  تحمل تبعات الواقع ، وكأن الكاتب يعتذر مقدما ، فكل ما  سوف تقابله من أحداث هي بالضرورة من وسوسات الجن الهائمة ، وهي وليدة “سطل” لا لوم عليه ، فليس على المسطول من حرج ، فهل هي محاولة للسير  على خطى السيد الأعظم ” نجيب محفوظ” في روايته ” ثرثرة على النيل” إذ يحكى أنه حينما كتبت التقارير المخابراتية التي تدين ” نجيب محفوظ” لتحمل بدورها لرأس السلطة السياسية حينها قال” وما عليكم من كلام الحشاشين ، ارفعوا أيديكم ، لاتمسوا الرجل الطيب ؛ يقصد ” نجيب محفوظ” .
ليبدأ الصراع من عنوان الرواية ذاتها ؛ صراع بين اللاوعي و الوعي ، لاوعي حالم، طائر بلاقيود ، ووعي محبط،  مكبل .
لا وعي يسعي لخلق عالم جديد منحاز لكل القيم الإنسانية  التي تنادى بها الفلاسفة منذ فجر التاريخ من حق وخير وجمال ، ووعي طمر لرأسه في طيات العشوائية و الاستبداد وانسداد الأفق.
لينسحب الصراع رويدا من عنوان الرواية لشخصياتها الأسيانة المهزومة أيضا بفعل واقعها الواعي ، الأسى هنا مسيطر على الجميع سواء من ملك الواقع و من انطرد من مملكته، سواء من تربع على العرش أو من أقصي ليخرج خالي الوفاص من أي ممكن متاح .
ليتطور الصراع ثانية على مستوى الشخصيات  ، لتندهش فعلا من شخصيتين  تناضلا طيلة الأحداث لتثبت كينونة  مناقضة تماما لما هو معلن ؛ الأولى هي نور النديم /  منصور الدرغامي ، ليعلن الرواي أنه ” منصور الدراغامي” الآتي من العاصمة المأزومة بحكاياته وحجة ملكيته لدوار العمودية القديم لعائلته التي ملكت القرية يوما تحت اسم حاكمها ووليها الصالح ” الدرغامي الكبير” ، بالرغم من
أن القرية كلها تقر بكينونة أخرى مخالفة تماما لرواية الرواي؛ وهو أنه ” نور النديم ” حفيد ” نايل النديم”  الذي أقصى الجد القوي الولي ، ليكمل مسلسل الإقصاء ولده ” أسعد النديم” ، ثم يكمل التأزم من تلقفوا الرواي من أصدقاء يقروا أيضا بما أقرته القرية من كونه ” نور النديم ” ، لتختفي الكينونة القديمة ل” منصور الدرغامي ” حينا وتظهر حينا آخر بكلمة سر يتفق عليها الرواي مع الجمهور وكأننا أمام خشبة مسرح ” و إن رأيتم الناس يدعونني ” نور النديم” لاتهتموا واستمعوا… سأعود إليكم بين أحاديثهم  بكلمة سر تعرفونني منها… كلمة السر هي ” أنا الذي هو أنا ” .”
ليميط  الخفاء رويدا الصحفي القاهري بحواره مع أبطال الرواية ، إثر اختفاء ” نور النديم” الملغز والذي لا يترك من أثر سوى جلبابه الملطخ بالدم على ضفاف ترعة القرية المسكونة بالجن بالقرب من قريته الجديدة أو تلك العزبة التي أطلق عليها ” عزبة المجنون ”  لتظهر دوافع جحد شخصيته الحقيقية؛ ما بين إخفاء جريمة قتل أتهم فيها كبير القرية ” أسعد النديم ” وبين دوافع انتقام من كبير القرية ذاته مسيطرة على أبطال الرواية الآخرين مثل ” شوقي العبد و محمد فرحات ” ودوافع قانونية لاسترداد أملاكه  كما هو حال المحامي الامع ” أحمد الجنوبي” ” بالنسبة لي وللقانون فإن  نور النديم حي يرزق ، ولا أجرؤ على اتهام أسعد النديم بشئ ضده …وعندي أوراقه وقضاياه ما زلت أتابعها كمحام وكصديق عرفته وارتحت له وأطمئن لي… لكن ينقصني دائما  توقيعه على الأوراق المهمه…” ودوافع اتجار وسمسرة كما هو حال ” مرزوق الخولي” ودوافع ولع وعشق كما هو حال ” المانعة “، حتى شخصية ” محمد ابوجلمبو” وإن بدت مستغرقة في نبلها الطوباوي العميق لم تخل هي الأخرى من مشاركة في المؤامرة بقصد إعادته على عرش بناء الدور بالطوب الطيني “اللبن” تلك المهنة المنقرضة لصالح البنايات الخرسانية القبيحة .
ليقع ذات الصراع ثانية في شخصية أخرى متصارعة هي نايل النديم / الدرغامي الكبير من أسس القرية فيهما ؟، ومن امتلك الأرض ومن عليها يوما ؟، ومن عمر ونزع البوص المتغول، ومن حفر الترعة ومهد الأرض، وطرد الغجر،  وتحالف مع جن القرية؟ ، من منهما قابل ” النحاس باشا “؟، من سلمه خنجر ولي الله الرفاعي الأكبر؟.
لتبدأ الأجواء السحرية  والعتبات التاريخية المؤسسة للأسطورة الأم المهيمنة ، والبداية أن كل الأماكن  أسيرة لأزمة ما، العام 1942 حيث يفر النحاس باشا مأزوما هو الآخر لرحاب القرية النائية المجاورة لمسرح الأحداث ” ميت نور ” فإنجلترا العظمى تضغط بقوة على الملك الشاب لقبول وزارة محبوب الشعب ” النحاس” لظروف الحرب العالمية الثانية وضمان وضع سياسي مستقر  في المستعمرة التي طرق الألمان بقوة  على أبواب حدودها  الغربية، يقع “النحاس” في صراع قوي بين الوسيلة والغاية ، وكما أن العاصمة ورجلها مأزوم ، كذلك فإن القرية ورجلها في أزمة من نوع آخر،  ربما هي رمز لأزمة العاصمة ، ربما هي ذات أزمة العاصمة فكما تم غزو العاصمة بلإنجليز فقد تم غزو القرية بالغجر ، فهل مسرح الأحداث  المتمثل في القرية النائية هي صورة مكرسكوبية للعاصمة؟،  فكما كان الصراع على إظهار كينونة الرواي البطل بين أبطال الرواية ، هناك صراع آخر على إظهار كينونة المكان ، أيهما المقصود القرية أم العاصمة …هو الصراع ثنائي الأقانيم ( راجع مقالتي على موقع مصريات ” أحاديث الجن والسطل ، المجد للحكايات””1″) صراع من نوع قديم جديد صراع هاملتي ابدعه شكسبير واستخدمه ” محمد عمرو الجمال” صراع الكينونة وقدرها على الشخصية ذاتها .
صراع بين الأزمان فها هو زمن “النحاس باشا” يحتضر ليمهد لظهور زمن” جمال عبدالناصر ” بذات الآلية المتمثلة في الدبابة.
صراع قيم بين “أسعد” بقوته الجسدية و دهائه ومغامرته وبين أخيه “سعيد” بطيبته و روحانيته وانحياز الملك الموكل باستجابة الدعاء ولو على سبيل الخطأ له ، ومن ثم فرار أسعد مع زعيم العصابة المأسور والواقع تحت خفارة ” أسعد “ذاته ، وولاية “سعيد” .
لتقع في متاهة حكايات ، إذ أن سلاح الأبطال هو الحكاية ، التي أفلحت بالفعل في إحداث تغير جزئي بواقع القرية ، بل وانحياز السلطة الشابة الواعية لقضيتهم ،  هي حكايات دائرية مترابطة الحواف فسرعان ما تنتهي حكاية لتلئم ببداية  الحكاية الجديدة .
هو صراع طبقي بامتياز بين طبقة امتلكت الواقع بعزمها وانحيازها الواعي لمصالحها متمثلة في الجيل القديم نايل النديم / الدرغامي القديم .. وطبقة تسعى لتحل محل الأولى تمتلك الوعي والثقافة والحلم ولكنها مصابة بداء التردد ، التردد بين الولع الشخصي بالمرأة و المجد السياسي و المهني ك” أحمد الجنوبي “،   التردد بين تبني الايديولوجيات وأيهما أجدر في إحداث التغيير فتراه  في متاهة فكرية  لايتقدم فيها قيد أنمله ك” محمد فرحات” صراع بين الواقع ومتطلباته و الماضي و طعناته ك” شوقي العبد ” لتكون الغلبة المؤقته للجيل القديم ولكنه تغلب قلق وانتصار مؤقت جدا .
” أحاديث الجن والسطل ” ملحمة حقيقية تختصر الكثير من مشكلات المجتمع و تبادر بإسداء الحلول أيضا،  تشخص المرض لمن هم منوط بهم إحداث التغيير وتهمس في آذانهم بالعلاج الناجع لأمراضهم الطبقية و الاجتماعية . هي رواية جديرة بحصد أكبر الجوائز الأدبية لولا التحيزات القطرية الطافحة والمسيطرة على لجان تحكيمها ، لا أكون مغاليا إن  زعمت أن  العام 2018/ 2019 هو عام رواية ” أحاديث الجن والسطل ” لكاتبها المبدع “محمد عمرو الجمال ” .
ولا يفوتني في النهاية الإشادة بجهة إصدارها ” دار نوستالجيا للنشر و الترجمة ” وجيل جديد من دور النشر  واعيا بقضية الكتابة و الإبداع و النشر ، مهموما برفع قيم الفن و الأدب ، على مابذلوه من جهد حقيقي لإخراج هذا العمل الرائع على الرغم من فداحة العوائق وشح الإمكانيات.

08‏/10‏/2018

التأويل الجمالي لليومي، والهامشي في كتابة زهرة يسري

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، و‏‏يبتسم‏، و‏‏لقطة قريبة‏‏‏‏
بقلم  د. محمد سمير عبد السلام - مصر
تجمع كتابة الشاعرة المصرية زهرة يسري بين إنتاجية الوعي المبدع التصويرية، وتحولات العلامة في تداعيات النص الشعري؛ فالذات تمارس نوعا من التعاطف إزاء الظهور الشعري الفوتوغرافي لليومي، وللهامشي، والتجليات الفريدة للأشياء الصغيرة في النص؛ ومن ثم تتشكل الهوية الجمالية لصوت الأنثى عبر تحولات العلامة بين فضاءات الداخل، والخارج الديناميكية؛ فالوعي الذاتي يتشكل نصيا، والنص يفكك مركزية الذات، ويشير إلى حضورها الشعري في صيرورة علاماته في الوقت نفسه؛ فالحضور العلاماتي في نص زهرة يسري الشعري يؤجل اكتمال بنية الصوت في حالة اللعب، والإحالة إلى لحظات حضور جمالي مؤقت، ومختلف، ويحمل أثر العلامة النصية، أو الغياب في جماليات الواقع الحلمي، أو الواقع اليومي الممزوج ببكارة التشبيهات؛وهو ما يذكرنا باستباق التشبيه للأصل عند بودريار؛ فعلامات العالم تولد بين الحضور الأول الملتبس بالنص، والتأويل الأنثوي الداخلي المنتج بواسطة الوعي؛ فالذات تكشف عن تناقضاتها الإبداعية، وحضورها الجمالي الآخر في تعاطفها مع ذلك النسق التصويري الفوتوغرافي لليومي / الحلمي، ولصور الآخر الذي يبدو كعلامة ذاتية داخلية، تقبل التخييل، والتأويل المستمر؛ فهو يجمع بين التجلي المغاير، والغياب في فضاءات الصورة، وتحولاتها في الذات المتكلمة؛ مثلما تتحد الذات بالوجود المجازي المختلف لليومي، والهامشي.
إن تحولات العلامات في السياق التصويري / التسجيلي في كتابة زهرة يسري، تذكرنا باتساع مدلول الكتابة الأولى عند دريدا، وصيرورة العالم عند نيتشه، والغناء المتجاوز للصمت في فكر إيهاب حسن، ومناقشته للأدب ما بعد الحداثي؛ فالنهايات تبدو مؤجلة، أو تختلط بأغنية اللعب، والتحول، والولادة في نسق تصويري متجدد. وتفاصيل اليومي تختلط بطفرات الحلمي، وبالتسجيل الفوتوغرافي الإنتاجي الذي يستبق الأصل، ويفككه.
ويناقش دريدا إشكالية تحول العلامة، وعلاقتها بالرمز في كتابه "في علم الكتابة"، ويستعرض – في هذا السياق – مواقف سوسير، وهوسرل، وبيرس، ويرى أن الأثر هو نقطة الانطلاق التي تجعل صيرورة العلامة بلا دافع أمرا ممكنا، ويعزز من موقف بيرس في مشروعه للسيميوطيقا، وتأكيده لعدم قابلية تلك الصيرورة للاختزال؛ فالرمز هنا يؤدي دورا مشابها للعلامة، ويغاير فكرة تعارضهما عند سوسير؛ فالرموز تأتي إلى الوجود متطورة عن علامات أخرى؛ وخصوصا من الأيقونات، أو من علامات مختلطة.
(راجع، دريدا، في علم الكتابة، ترجمة وتقديم: أنور مغيث، ومنى طلبة، المشروع القومي للترجمة بالقاهرة، ط2، سنة 2008، ص 126، 127.
إن صور الآخر، والآخرين، والأشياء تحمل أثر المتكلمة، وانطباعاتها الأنثوية، والجمالية في كتابة زهرة يسري؛ ومن ثم تنتقل من الرمز إلى خصوصية النص الإنتاجية، واحتمالاته، ثم إلى التجلي السيميوطيقي المتحول للأثر طبقا لدريدا؛ فالصوت قد يتداخل مع الأشياء في رؤى فوتوغرافية مجازية من جهة، أو في ديناميكية تشبه الشخصيات السينمائية التي يختلط الواقع بالتخييل في بنيتها الاحتمالية من جهة أخرى.
ولا يمكن فصل النزوع إلى الصيرورة هنا عن السرد الشعري عند زهرة يسري؛ إذ تجمع كتابتها الأدبية بين تداخل الأنواع، أو النص الجامع طبقا لتعبير جينيت، وكذلك تأكيد التداخل بين الفنون في المزج بين الكتابة الأدبية، وما تحمله من إنتاجية للوعي، والتصوير بمدلوله التشكيلي، أو السينمائي، وبخاصة في قراءة التفاصيل، وتأويل الأشياء الصغيرة، وطفرات الحلم بصورة تسجيلية تخييلية في آن.
وتبدو هذه الملامح الفنية واضحة في ديوان زهرة يسري المعنون ب "يلزم بعض الوقت"، وقد صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب؛ وأرى أن ديوان الشاعرة يمثل بعض الظواهر التي تميز أدب شعراء التسعينيات في مصر؛ مثل المزج بين الحلم، والواقع، وإعادة اكتشاف اليومي، والهامشي، وتفكيك مركزية المركز، وتأكيد النصية، وانفتاحها على الفضاءات الجمالية، والواقعية في آن، والانتقال من تأكيد الذات المتكلمة إلى تجاوزها في هوية جمالية متحولة، ومحتملة، والنزوع إلى النص المتجاوز لمقولة النوع، وغيرها؛ وهوما يوحي بولوج عوالم ما بعد الحداثية من داخل نسقي الذات، والنص.
تقول الشاعرة في قصيدة "في الذاكرة ليس إلا":
"بخار الطبيخ يختلط مع الشجار، في الذاكرة ليس إلا / ينيرون أضواء الجسر / لتقتحم السيارات غرفتها / تدهس قفص العصافير ... / في ليلة كهذه كان لابد أن تكون معي / لتراهم كما أراهم / يحركون شفتي بكلمات مبهمة / لابد أنهم سيطمئنون / عندما تضع الكمادات على جبهتي / في يوم سأترك هذا البيت / بأطيافه المجنونة / كل شيء على حاله / الأطباق الفارغة في أماكنها على المنضدة / والفوط النظيفة على حافة الكرسي". ص 13، 14.
إن الأشياء تنتقل من وضعها المستقر في اللغة إلى النسق العلاماتي التصويري في وعي المتكلمة من خلال وسيط (الطيف) أو (الشبح)؛ فالشخصيات المجازية الحلمية تأتي في سياق نصي تسجيلي يشبه الفوتوغرافيا، ثم ينتقل إلى الصيرورة السردية النيتشوية بتناقضاتها التي تفكك المستقر، وتقره في آن؛ فكل شيء من الأشياء على حاله في خطاب المتكلمة، بينما تتجلى الشخصيات الفنية كفاعل داخلي في بنية الصوت المتكلم نفسه، وفي الفضاء الحلمي، ويبدو الآخر / الرجل مؤولا بشكل ذاتي نصي في خطاب الأنثى؛ فهو مستقر في الذاكرة، بينما تشارك صورته الأخرى في الواقع الافتراضي في النص، وتداعياته.
وتستعيد المتكلمة حالة من الأداء غير الواعي، تستبق حدود الصوت، وتلج بكارة تشكل الصورة التي تقع وراء التفاصيل الصغيرة، وفي حضورها المكاني الجمالي في النص؛ فالأطباق، والفوط، والكرسي تبدو كعلامات تقع بين الاستقرار المحتمل، والتحول الاستعاري المحتمل أيضا؛ لأن حضورها التسجيلي يحمل دلالات جمالية تشكيلية ممزوجة بالشخصيات الفنية الخفية في الوعي، واللاوعي.
وقد يختلط العادي، واليومي بطفرات متعارضة للعوالم التصويرية ما بعد الحداثية في نص "يلزم بعض الوقت لافتعال ما يحدث"؛ فالآخر / الآخرون يمارسون لعبة جمالية لموت استعاري محتمل، ومؤجل، وتنتقل إشارات النص الرمزية من حدث يومي / ركوب لقطار إلى طفرة مجازية علاماتية للآخرين الحلميين في كادر سينمائي مرعب.
تقول:
"ركاب الخامسة صباحا / ملابسهم مشبعة بالندى/ همهماتهم يصاحبها بخار / لماذا أكرههم الآن؟ / سيدات ملأن سلالهن بالبيض / وعجزة ببعض المناديل والحلوى / صورهم معلقة على جدران غرفتي / كادرات مرعبة لنظراتهم المحترقة / سائق القطار لم يكن يلوح لي / ... في ساعات الفجر يشيرون على نافذتي / يتسللون من فتحات الشيش / بعضهم يخرج من الصور / أصابعهم اللزجة تطبق على رقبتي" ص 20، 21.
إن الواقع بمدلوله الحسي الأول يمارس ثورة جمالية نصية على هامشيته، وحضوره الرتيب؛ فشخصيات بائعات البيض، والعجزة، والسائق، والركاب تمارس عرضا جماليا عبثيا مرعبا ينفصل فيه الآخر عن الأنا، ويتشكل بصورة استعارية مضادة في العالم الداخلي للمتكلمة، ولكن هذا العرض المضاد للبنى الدائرية المتكررة يحمل أثر الموت، وتحول ديونسيوس الأسطوري طبقا لنيتشه، ويؤجله في لعبة الموت الاستعارية نفسها؛ فهو موت سينمائي تشكيلي في غرفة مضادة لرمزية الغرفة الأولى؛ فهي تشبيه للذاكرة التصويرية الإنتاجية للمتكلمة؛ إنها صور بلا إطار، تتحرك بديناميكية تأويلية أنثوية في فضاء الذات الذي يستبدل بعلامة الغرفة التمثيلية في صيرورة النص.
ويجمع النص السابق بين السرد الشعري الكثيف للغة النص في التطور السيميائي لعلامات الآخرين، والهامشيين، وديناميكية اللقطة التي ترتكز على بؤرة الآخر، ووجهه الحلمي في نطاق الكادر السينمائي المرعب في الوعي، واللاوعي؛ ومن ثم تتجاوز الكتابة النصية مقولتي النوع، والبنية الفنية المركزية.
وتستكمل الشاعرة رصد بلاغة الهامشي، وتعاليه النصي في وعي، ولا وعي المتكلمة، وتمزج بين غريزتي الإيروس، والموت طبقا لفرويد في نص "كل هذه التعاسة من أجلك".
تقول:
"قبلني بشغف واترك فمي مفتوحا للكاميرات / فأنا أموت جيدا في منامي / أحلم بحبيبي المنتحر / يعلم أن المطر لا يسعدني حين أكون وحيدة / لذا فتحت صور البوستر للكلاب الضالة تأكل لحمه / مكتفية بأحلامي والأظافر التي صنعتها لأخربش بها ظهور الرجال / ... الفقراء يقطعون الخشب / يصبون في أكوابنا الشاي والقهوة / وحين نرحل يكنسون يقايانا" ص 27.
تحتل المرأة في – في النص السابق – موقع الهامشي الذي يسعى لخصوصية تستبدل الأصل في التطور العلاماتي للقصيدة؛ إنها خصوصية تستعيد صور الميدوزا، وتناهضها، وتذكرنا بتشكل اللغة الشعرية الأنثوية طبقا للناقدة الفرنسية هيلين سيكسو؛ أما الفقراء الهامشيون الذين يكنسون بقايا المتكلمة والآخرين فيشيرون إلى الأخيلة العبثية التي تذكرنا بعوالم بيكيت في نهاية اللعبة؛ وتشير إلى الخيال الهامشي التوليدي في بنى العلامات واستبدالاتها؛ فثمة غياب محتمل دائما يعتري الأصل، والهامش معا.
وفي النص مزج إبداعي بين الإيروس كاحتمال لا يمكن فصله عن الموت؛ فالفم علامة تشير إلى صخب الحياة في القصيدة ، ويشير إلى الالتهام، وصخب الموت أيضا في صيرورة الحياة النصية نفسها.
وقد تعيد القصيدة تشكيل الفراغ بوجود جمالي وفير محتمل، وتعددي بين الفنون؛ فالذات المتكلمة تستبدل الفضاءات الداخلية، والخارجية بنتاج فني يقع ضمن أشياء العالم، وفي تفاصيل الواقع، وتحولها الاستعاري في المكان / أو الفضاء الجمالي في نص "عرائس قطنية"؛ فأشياء العالم تكتسب حياتها الخاصة في آثار وعي الأنثى، وتداخلاته مع علامات الكتب، والأفلام، والقصائد، واللوحات، والتماثيل، والدمى الشبحية، والأطياف المحتملة.
تقول:
"في كل مرة أصوب الكاميرا / قصاصات الشعر تحت زجاج المكتب / وردة حمراء محنطة / تليق بعروة جاكت كلاسيكي / لا شيء آخر سوى كرسي وحيد / في غرفة واسعة ومرآة في السقف / في هذا المكان / أصمم أفلاما أنا بطلتها الوحيدة". ص 30.
ثمة تناوب، أو استبدال علاماتي بين الذات، والحضور الفني للأشياء الصغيرة، والفراغ في تشكيل الفضاء؛ وكأن الأنا، أو عين الكاميرا ترصد حالات من الظهور الطيفي، والغياب في مشهد الغرفة، أو في الفضاء الداخلي الذي يتخذ مظهر المرآة، والفراغ معا.
وقد تعيد الأنثى كتابة الظواهر اليومية انطلاقا من تجليها في الوعي، واللاوعي، وبطولتها في بنية عنوان النص، وعتباته؛ فالشاعرة تمارس نوعا من التجريب في الإعلاء من شاعرية التفاصيل، ورتبتها في العنوان؛ وخاصة في نص "الأكورديون خلفية ناصعة لذكريات قديمة"؛ إذ يتخذ الأكورديون موقع المتن، ويفكك هامشية المرأة الهامشية في القصيدة، ويبدو كعلامة تحمل أثر الحضور الشعري المتعالي المحتمل للمرأة التي تتجلى كظاهرة تتجاوز التحديد، وتقع في فضاء مكاني جمالي بديل عن الشارع من داخله.
تقول:
"لماذا الأكورديون بالذات / يصاحب عجوزا متكئة على حائط / دائما نفس الحائط / أبيض بطبيعة الحال / عجوز تحتضن الأكورديون كأنه رجلها الأخير / هشة جدا / مسكينة جدا / تغني بلهجة محكمة ..." ص 40.
يحمل الأكورديون أثر الذات المدركة، وحضورها الأنثوي؛ فيعيد تمثيل هوية المرأة في الشارع / اللوحة من جهة، ويقوم بتخييل الآخر / الرجل في عالم المرأة الداخلي بصورة توليدية؛ وكأنه وسيط لتحول غنائي، يشبه صوت أورفيوس الآخر طبقا لرؤية إيهاب حسن، ويتجاوز صمت المرأة، وهامشيتها الظاهرة.
وتتداخل العوالم الجزئية دون مركز في صيرورة السرد الشعري، وتقع بين النصي، واليومي، والكوني في نص "ليسوا وحيدين في حجرة الموتى".
تقول:
"النهايات نور / الأرواح كذلك / في هذه اللحظة / تفلح في استدراجي / عندما يتقشر الطلاء الجيري / النقوش وجوه أعرفها جيدا / والحروف بدايات لصغيرة / تستند على السلم / تشاهد تليفزيون الجيران / من فتحة الزجاج المكسور / بعد انقضاء الفيلم / تشعر بانقباض عظام الصدر / وعلامة حمراء أسفل الذقن". ص 102، 103.
ثمة ولادات علاماتية عديدة للأصوات، والنقوش، والصور، والعوالم الجزئية، والكونية في تفاعلها الآلي – الجمالي أمام عين الذات المراقبة؛ وكأن الحياة نسق يجمع بين التناغم، والتعارض، وولادة الافتراضي، والاستعاري من اليومي، والذاتي في الكتابة بمدلولها الواسع عند زهرة يسري؛ فالخطاب في ديوانها "يلزم بعض الوقت" يعزز من شاعرية عملية الرصد، والرؤية التعددية لتحولات الذات، والعالم في تداعيات النص، وتفاعل علاماته الشيئية، والطيفية، والفنية.

06‏/10‏/2018

ازرع جنتك " قصة عجيبة "

نتيجة بحث الصور عن ازرع جنتك
إنها قصة تعجبت لها فاستمعوا لها وأخبروني بحكمكم...
بلد من البلاد البعيدة والموجودة في جزيرة من جزر المحيط القديم ، كان لها نظام خاص في الحكم .
كان مبدأ الحكم يقوم على أساس من يرغب أن يحكم فليتقدم ، ولكن بشرطين : 
الأول : أن مدة الحكم سنتان يستحيل تكرارها .
الثاني : أن بعد السنتين سيتم إرسال الحاكم بعد عزله إلى جزيرة أخرى في بحر الظلمات وهي جزيرة غير مأهولة لا يعيش فيها إلا الوحوش الشرسة والحيوانات المفترسة.
والعجيب أن القائمة كان فيها الكثيرون من راغبي الموت حكما ، إنها شهوة الكرسي .
ويعيش الحاكم السنتين يحاول أن يلهو ويستمتع بقدر الإمكان فهو يعرف مصيره ، حيث الفناء في جزيرة الضياع والنتيجة أن الحكام لم يفكروا يوما في أهل الجزيرة ؛ فعاشوا في ضنك مستمر .
وتقدم يوما شاب فقير ليأخذ دوره في الحكم .
سألوه : هل تعرف الشروط ؟
قال : نعم شرطان .
عقدوا له حفل تتويج ، وألبسوه تاج الملك ، وبدأ عهده في حكم جزيرة المظالم هذه ، والعجيب أن الفتى كان سعيدا في حكمه عكس من كانوا قبله .
كان قليل اللهو والعبث عكس من كانوا قبله من الحكام ، كان مصلحا لجزيرته ،عادلا في حكمه يبني بلاده ويزرع الخير فيها ،عكس من كانوا قبله ، واحبه الشعب ، وفي غمرة حبه له وجدوا السنتين قد مرتا ,،وجاء مجلس الحكماء يطالبونه في أسف شديد بتطبيق الشرطين .
ابتسم الشاب لهم ونزل عن كرسي ملكه ،وسلم التاج ،وقال لهم وهو يطير من الفرح . أنا مستعد للذهاب إلى الجزيرة .
كان الشعب كله يحيط بالقصر في حزن عميق على هذا الملك الذي لم يروا مثله ، وحاول الجميع أن يغيروا الشروط , 
ولكنها قوانين الجزر التي لا تتغير .
وقبل أن ينطلق الفتى إلى الجزيرة أوقفه أحد الحكماء , وقال له :
أمرك عجيب أيها الفتى , رأينا منك في حكمك كل العجب ، واليوم لم نر أعجب من حالك ، ألا تدري إلى أين ستذهب ؟
قال الفتى : نعم أدري .
إذن كيف تفرح والفناء مصيرك ؟
ابتسم الفتى الشاب ، وقال لهم . بالعكس ، لقد وضعت جزيرة الموت أمامي منذ أول يوم ،جعلتها شغلي الشاغل فأرسلت إليها مجموعات من الشعب الذي أحبني فأعد أرضها ،وخلص غاباتها من وحوشها وحيواناتها ، حيث حبسها في مكان خاص بها ، وبنى لي قصورا هناك ، أرسلت إليها أهلى الذين أحبهم .
وإني الآن ذاهب لأعيش معهم في جنتي التي زرعتها بيدي .
( كتاب إدارة الذات دكتور اكرم رضا)


خطوات لتحقيق المستحيل

نتيجة بحث الصور عن المستحيل
1
يتكاثر المستحيل في العقول العاجزة والمقيدة داخل جدران أسمنيتة وهمية من صنع أفكارهم السلبية بل قد يكون من يقبع داخل زنزانته أكثر حرية منهم  فهناك من يعتقد انه من المستحيل أن يجد وظيفة جيدة  وأخر يعتقد أنه من المستحيل أن يبدأ مشروعا خاص به  وأخر يرى أنه من المستحيل أن يتحول دخله الى رقم من سبعة خانات وأخر  يعتقد أنه من المستحيل  الحصول على درجة كاملة في جميع المواد   وهكذا أجدهم متشابهين  فالكثير يعتقد أن  المستحيل أن يتغير وضعهم الاجتماعي والاقتصادي وعندما  تسمع لهم  تجد لديهم أسباب ومبررات مقنعه لهم , فيقول لك نحن في الصومال ظروفنا صعبة نحن في رحم الفقر والجوع  وقد يكون في العراق ويقول لك نحن في رحم الخوف وعدم الاستقرار  وقد يكون في الخليج  وهو في اكثر البلد أمنا وثراء ويشتكي ويتبرم  الحقيقة أن الخوف والجوع والفساد والعجز في العقول والأفكار ليس في البيئة .
2
“سُئل المستحيل أين تتواجد قال في عقول العاجزين ”  فأصحاب التبرير  هؤلاء عجزة وعندما تجد نفسك تبرر ثق أنك  تقف في نفس الطابور   .. يتحرك الانسان  داخل الاطر العقلية التي تبرمج عليها  تضيق هذه الاطر وتتسع حسب التوجهات و المدخلات من معرفة وتجارب مر بها ..
فالمستحيل يتواجد في الاشياء التي لم نجربها بعد  .. عندما تفكر في مشروع أو تلمع في ذهنك فكرة اسئل نفسك هل استطاع أي شخص في أي مكان في العالم تحقيق هذا الهدف ؟
إذا استطاع  هو  فأنا استطيع  فما يستطيع تحقيقه الاخرين أستطيع تحقيقه أنا .. اذا قمت بنفس ما قاموا به  فالنجاح يعني العمل والجهد والإيمان بأني أستطيع    “فإذا كنت تعتقد أنك تستطيع فإنك تستطيع وإذا كنت تعتقد أنك لا تستطيع فإنك لن تستطيع” …بهذه القاعدة تبدأ بترويض المستحيل والحوار معه..
عليك أن تتعلم من هذا الناجح كيف استطاع تحقيق هدفه وتنقل تلك الخبرات  إليك
فالخطوة الاولى لتحقيق المستحيل   هي أن تؤمن أن  ما يستطيع تحقيقه أي انسان تستطيع تحقيقه مع اختلاف الجهد .
3
      من الممكن الى المستحيل :
من أهم اشكاليات العقل أنه يحذف ما يريد من الخبرة ويعمم ما يريد  بدون استشارتنا وهذه الملية الانتقائية تحدث بشكل تلقائي  .. فعندما نتأمل إنجازات شخصية عظيمة مثل  اينشتاين أو نيوتن أو صلاح الدين أو سليمان الراجحي أو عبد الرحمن السميط .. أو غيرهم  فإن العقل يقوم بحذف ما يعتقد أنه غير مهم وغير موجود أمامه ويعمم النتيجة التي نركز عليها في تأملنا ..
فكل ما تراه الان هو المنجزات والمشاريع  والتميز والنجاح قد تكون مررت على النظرية النسبية أو على الجاذبية او على  حطين او على بنك الراجحي او على أفريقيا  وتوقفت عند النتائج المبهره  التي حققها هؤلاء  اليس كذلك ؟
وأعلم أنك في قرارات نفسك شعرت بتميزهم وشعرت أنهم مختلفين عنك  لعلهم ولدوا بجينات تختلف عنا جميعا  او أن ظروف حياتهم مختلف عنا !
4
حقيقة الامر أنهم لم يولدوا عظماء بل ما فعلوه جعلهم عظماء وكذلك أنت  لم تولد عظيما بل ما تفعله هو ما يجعلك عظيما .. تأمل ما تقوم به الان الى أي اتجاه يقودك ؟  عد الى مرحلة سابقة من حياتك ألم يكن لديك حلم ؟  الان ألا يوجد لديك حلم ؟ ماذا حل به ؟  لماذا لم تحققه  ؟ اعلم أن أحلامك مثل روحك خلاقه ورائعة  وهي بعيدة عن الواقع وقد تكون مستحيلة ! لذلك نسميها أحلام  اذا لم تكن رائعة وخلاقه وبعيده عن الواقع فلا يطلق عليها حلم
هل تود أن تقول لي أنه صعبة ومستحيلة  ؟ وأنك حاولت ولكن لم تستطع تحقيقها ؟
دعني أسألك هذا السؤال هل تعتقد أنك حاولت بالطريقة الصحيحة ؟
أخبرني .. احلامك من أي نوع هل  أنت فقيرا وتحلم بأن تصبح مليونير ؟ مثلا  قد تكون أسوء من كونك فقير قد تكون سجين وتحلم نفس الحلم   وهذا حلم ليس سهلا … وأيضا ليس مستحيلا
الحياة بدون حلم أشبه بالكارثة وكأنك في وسط طوفنا ولا تحمل طوق نجاة ولا تجيد السباحه ولا تؤمن بوجود خالق ..
الحلم  هو منبع الامل وهو ما يبقينا على قيد الحياة واعتقد أن من يؤمن بوجود إله بيده   مقاليد السموات والأرض   شق البحر لموسى وحفظ ابراهم في النار ورفع عيسى  واخرج ينوس من بطن الحوت وشفى أيوب  وأوقف الشمس ليوشع وشق القمر لرسول الله (عليهم الصلاة والسلام ) لا يفقد الامل ولا يفقد الحلم مهما كان السبب ويعود هذا الى يقينك وإيمانك .
5
الأحلام ليست مستحيلة التحقيق ولكنها تأبى أن تأتي إلا لمن يستحقها فعملوا على استحقاقها .
فإذا أردت أن يستسلم لك المستحيل عليك أن تبدأ بالممكن ..
تخيل  ايه القارئ العزيز طفلا يريد أن يأكل قطعة لحم أكبر من فمه ما الذي سوف يحدث ؟   هل تسمح له بذلك ؟  ماذا عنك هل تستطيع أن تأكل قطعة لحم أكبر من فمك ؟
إذا فعلت فالنتيجة واضحة لنا جميعا سوف تغص وتفشل في بلعها وقد تقتلك   ولا تجد عاقلا يفعل ذلك بل جميعنا نقوم بتقطيعها الى أجزاء صغيره حتى يسهل علينا أكلها  أليست هذه الاستراتيجية المتبعه عند الجميع أليست سهله هذه الطريقة ؟  هي نفس الطريقة التي نستخدمها في تحقيق المستحيل جزءه الى أجزاء صغيره  حتى يسهل عليك التعامل معه  , الحلم الذي طالما حلمت به إذا قررت أن تحققه دفع واحده سوف تغص به وتفشل وقد يحطمك ولن تقوى على القيام مرة أخرى  لذا  عليك بتجزئته الى أجزاء يسهل  تحقيقها ..
الان جزء أحلامك الى  أهداف قصيرة ثم الى أعمال صغيره ثم الى مهام يوميه صغيره حتى تصبح في متناول يدك  هذا ما لا نستطيع رؤيته في سيرة العظماء والقادة نحن نرى الحلم الذي تحقق  ولا نرى خط سير العمليات وكيف تم تجزئة الحلم  وأنهم عملوا على كل جزء لوحده  قد تكون هذه الاستراتيجية بطيئة لكنها فعالة  فعندما تريد أن تخطو خطوة كبيره جدا  فأنت تعمل على سقوطك  وعندما نجزئ أحلامنا في كل مرحلة تكون هناك تحديات نتعلم منها فنكبر مع احلامنا  وتصبح خطواتنا اكبر وأسرع  وفي كل مرحلة  دروس تُعدنا للمرحلة التي تليها  وهكذا يتقدم العظماء نحو أهدافهم  ليس بجيناتهم أبدا ..  ولو تأملت طفل يريد أن يتعلم المشي  لوجدت في مرحلة يزحف ثم يحبوا ثم يجلس ثم يقف ثم يتحرك خطوتين ويقع ثم يحرك عدة خطوات الى ان يصبح عداء في المارثون كل مرحلة لها تحديتها ودروسها هكذا تتحقق الاحلام  , مهما كان حلمك في أي مجال كان طبق هذه الاستراتيجية ابدأ بالممكن وسوف ترى المستحيل يتهاوى بين قدميك تذكر لا يجب أن تكون البداية رائعة ومثالية .



01‏/10‏/2018

نظرات نقدية لرواية العيش الشمسي للكاتب عبدالناصر شاكر

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏عبدالناصر شاكر‏‏
الروائي عبدالناصر شاكر 

بقلم . أ. د. / محمد سعيد أحمد علي 
* بادئ ذي بدء، لابد من الإشارة إلى أنه عند قراءة أي عمل أدبي متميز فلابد وأن تلامس أفكاره روحك وأن تطرق كلماته جميع أبواب نفسك. والحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن ذلك يحدث معي بالفعل كلما قرأت رواية العيش الشمسي. قد يبدو من الوهلة الأولى أن عنوان الرواية غريبا ولكن قد يبدو ذلك لمن لم تلفحه نسمات الصعيد ولمن لم يعش ويجرب تلك الحياة البسيطة في مكوناتها المادية والثرية جدا في مكوناتها المعنوية والأخلاقية.
* لقد أطلق الكاتب على روايته عنوان العيش الشمسى وهو في هذا يجمع بين العيش الشمسي الذي (يمكن القول أنه كان) خبز غالبية أهل الصعيد والعيش الشمسي كنمط معيشة وحياة تعتمد أساسا على الشمس حيث ينظر للشمس منذ عهود الفراعنة، على أنها رمز العيش والحياة، وهل هناك عيش دون شمس، سواء كان المقصود بذلك العيش الخبز أو الحياة نفسها، ومن هنا تبدأ حكاية العيش الشمسي، ذلك العنوان الذي يؤرخ لحقبة هامة في تاريخ مصر الحديث حقبة التحول من العيش الشمسي (كخبز تشارك الشمس بأشعتها في نضجه واكتماله) إلي العيش المصري المميكن (وليد الحداثة والتطور)، وكذلك حقبة التحول من العيش الشمسي (حيث الحياة القائمة في جميع مفرداتها على الشمس) لعيش الظل (والضلة) القائم على الابتعاد قدر الإمكان عن الشمس وكأنها أضحت مصدرا لكثير من المخاطر والأمراض.
* تعد رواية العيش الشمسي نموذجا لما يسمى بالسرد التأريخيي الشعبوي، والذي يقوم في مجمله علي "النوستالجيا" أو ما يعرف علي أنه الحنين للماضي فمن خلال الخطوط السردية للكاتب ومن خلال سبر أغوار عالمه الضيق الفسيح في صعيد مصر نشم رائحة حنين شديد نحو خلده ألمفقود وعالمه البعيد. واعتمادا على هذا فإني أدعوك لنتفحص معا بعض من العناصر المميزة والمتميزة بتلك الرواية مثل آلية السرد لدي ألمؤلف ومفهوم الذاكرة المكانية والزمانية عنده, وكذلك مفهوم الحنين للماضي وأخيرا استخدامه للهجة جنوب صعيد مصر بتفردها المتنوع.

* لقد دأب المؤلف في روايته على استخدام السرد التأريخي المتقطع فهو يؤرخ لحقبة زمنية هامة من تاريخ مصر قاطبة ومن تاريخ صعيد مصر علي وجه الخصوص حيث تتداخل قصص قصيرة تحت وحدة روائية واحدة. قد يبدو للقارئ من الوهلة الأولي أن الكاتب اعتمد علي سرد متقطع لا تربطه علاقة بينية لأن العمل مقسم إلي مجموعة من السرديات ألمنفصلة ولكن من يتمعن في تلك السرديات يكتشف براعة الكاتب، فالسرديات علي اختلاف قصصها وتنوع حكاياتها وحيدة المنبع والمصب، فهي تنبع من قلب الصعيد القديم التقي وهنا يأتي دور السرد التأريخي حيث يؤرخ السارد لخلد مفقود وطبيعة خلابة ونقاء فطري وكأنه عصر الرومانسية الإنجليزية التي تجلت فيه الفطرة النقية والحياة البسيطة الغير متشابكة البسيطة، ومع ذلك يحاول الإنسان المعاصر هجر تلك الحياة التي لا تعوض. 
* يقدم المؤلف لنا ذاكرة من ماض جميل قارب على الانتهاء إن لم يكن قد انتهى بالفعل، وذلك بذبول ريحانة جيل قد عاصر تلك الجماليات فلم يتبق من ورود ذلك الجيل الجميل سوي بعض زهور ذابلة قد أصابها ألوهن وأخريات قد أصابهن ألنسيان ومع ذلك لا تزال تحتفظ بعض تلك الزهور بعبقها من ذكري ماضي جميل ومحتويات حسية ومعنوية ميزت نمط الحياة في البيئة الريفية عن غيرها من أنماط الحياة الأخرى. وهكذا فقد ساهمت خاصية السرد المتقطع عند الكاتب في إعادة رسم صورة قديمة جميلة عن صعيد مصر وعن قيمة ألجميلة حتى وان كانت في الحقيقة صورة لذاكرة باهته قد تلاشت أو أنها تتلاشى مع ألزمن وليس أدل على ذلك من أن أنها لم تحتفظ على سبيل المثال، بذكرىات الكانون والحاوي والقمر المخنوق والكانون كما تظهره ألرواية ليس بالقانون الفرنسي أو ذلك الكانون الأدبي التقدي بل هو موقد النار الذي كان مصدر إشعاله الجلة والجلة هي روث البهائم بعد تجفيفه من قبل سيدات القرية.
* فالرواية في مجملها رحلة من الطبيعة وإليها انظر كيف يذكرنا المؤلف بالجرة، وكيف كانت نسوة القرية تغرف بها من مياه النيل مع بزوغ الصباح الباكر لتسكب وتخزن تلك المياه في الزير للشرب منه طيلة النهار وما بين بزوغ الشمس وغروبها لا يتوقفن نسوة المدينة وفتياتها عن ملئ تلك الجرار بالمياه من نهر الحياة، وكأن الكاتب يرسم لنا صورة من العيش بالشمس والماء الجاري وهي صورة ترمز إلي جماليات وإبداع الحياة في تلك البقعة من مصر الجميلة
• فعلى الرغم من أن ذلك تصوير تأريخي، إلا أنه تاريخ سردي ناطق جميل يصدح بجمال مصر وصعيدها، ولا يخفى ذلك التصوير تلك القسوة الحانية علي تلك الفتيات الشابات في مقتبل وأعمارهن حيث ينزلن المورد المعدة والممهدة بالرمال بالحجارة والتي تغمرها مياه النيل فيخضن في المياه لتكشف كل منهن عن ساقيها، فتظهر جمالها من جمال ملوحة أرجلها، وكأن الكاتب يرمز إلي جمال الصعيد وعذوبته في صورة تلك الفتيات مبهرات الجمال. وهكذا فإن الكاتب ومن خلال سردياته يقدم صورة مغايرة وفريدة ومبهجة عن صعيد مصر فهو منبت الحياة والجمال والعيش الشمسي ليس إلا رمزا لصعيد يانع أخضر مزهر ليس صعيد الجهل والدماء والثأر والقتل والقيل والقال الذي اعتادت وسائل الإعلام على تقديمه، بل هو صعيد الفرن البلدي برغفانها وبتاوها وقسوطها ورائحتها والتي ترمز هنا إلي النماء والخير الدائم. 
• يظهر الكاتب وبوضوح من خلال استخدامه للسرد التأريخي التراثي جزء هام من تراث جنوب مصر والذي ربما تناسته أجيال عدة حيث أنه أوشك علي الاندثار. فالمطرحة وهي الأداة التي يضع عليها رغيف الخبز ليصل إلي فتحة الفرن لينزلق إلي بطن الفرن والفوادة وهي أداة لتنظيف سطح الفرن الداخلي قبل إدخال أرغفة العيش إليه وكذلك البتاو (خبز كان يصنع من الذرة) وهي من المفردات التي اندثرت وأصبحت جزء من التاريخ. كل هذا يظهر الحنين إلي الماضي الجميل، وكيف أن الكاتب يحاول تقديم كل ذلك إلي القارئ المعاصر سواء كان ينتمي إلي الصعيد أو من خارجه حيث يعيد الكاتب صياغة الماضي وتقديم التاريخ في أبهي حلله إلي قارئ لم يشهد الكثير من تلك اللحظات والصور الجميلة من تاريخ صعيد مصر المعاصر. 
• يظهر المؤلف حالة شديدة من الحنين إلي الماضي في رواية العيش الشمسي، والذي يعرف باسم النوستالجيا، والنوستالجيا هو مصطلح يستخدم لوصف الحنين إلي الماضي وأصل الكلمة يرجع إلي اللغة اليونانية، إذ تشير إلي الألم الناتج عن حنين العودة للماضي والخوف من عدم الوصل لذلك للأبد. لقد كان ينظر إلى تلك الحالة في البداية على أنها حالة مرضية، أو شكل من أشكال الاكتئاب. ولكن بمرور الوقت أصبحت تلك الحالة موضوعا ذا أهمية بالغة في فترة الرومانسية الأولى والتي تميزت بحبها الشديد للعصور الماضية بشخصياتها وأحداثها.
• والسؤال الذي ربما يخطر ببالنا هنا هل يعاني الكاتب من أعراض اكتئاب الحنين إلي الماضي وذلك من خلال اهتمامه وتركيزه على العودة للماضي ولزمن الأجداد وأجداد الأجداد. هل يحاول الكاتب جراء مقارناته بين الماضي والحاضر استحضار رقي مصر وجمالها وحضارتها والتي امتدت حتى منتصف القرن العشرين، حيث كانت القاهرة عاصمة تضاهي في جمالها أرقي العواصم الأوربية، وكيف كان الريف المصري عبقري في جمالة وكيانه، وكيف كان منارة للجمال وللعلاقات الدافئة والأصالة، وكيف كانت الشخصية المصرية شخصية حضارية راقية، أنجبت أعلام في الفن والآداب والعلوم، وكيف كانت لمصر شخصيتها الفريدة وعبقريتها الجغرافية والتاريخية التي جعلت منها مركزا للقوة الناعمة. 
• أما الآن فقد تلاشي ذلك الجمال المصري ومعه جمال الريف تحت غابات من البنايات الخرسانية حمراء اللون ذات الطابع العشوائي والتي قتلت معها كل صور الجمال، واجتاحت المدنية الباهتة جمال الريف، فبدلا من رؤية المروج الخضراء وسواقي المياه المتدفقة وجمال الطبيعة حلت محلها مدنية خربة لا تنتمي إلي المدنية الحديثة ولا إلي الحياة الريفية الجميلة، فكانت النتيجة جمال مشوه غير مكتمل معه تشوهت العلاقات الاجتماعية وتغيرت النفوس، فمع تشوه جمال الريف وتغير ملامحه تغيرت ملامح قاطنيه، ليصيبهم التشوه الذي حل في الريف، وهنا تغيرت الشخصية المصرية لتصبح شخصية ممسوخة، فبعد أن كان العالم يستمع لترانيم أم كلثوم وصوتها العذب وعربيتها الفصحى أصبحنا نغنى للحمار وما هو دون ذلك، فأصبحنا مثل من يستبدل سمنها وعسلها بثومها وبصلها وشتان بين الصنفين. 
• لا يكمن جمال سرد الراوي وحسب رسمه لصورة طبيعية جمالية كانت للريف المصري منذ عقود بائنة، ولكنه يقدم لنا ذاكرة حافلة، وصورة مرئية بل ومسموعة لتراث الماضي الجميل، فهو يقدم لنا ذاكرة تاريخية مفعمة بمقتنيات تراثية لم تشهدها الأجيال الشابة المعاصرة. يحاول الكاتب من خلال ذلك إعادة حتى ولو صورة الماضي الجميل القريب لأجيال قد تناست تلك الايقونات الجميلة، ولأجيال سمعت عنها ولم ترها، ولأجيال لم تسمع عنها ولم تراها فتراه أو حتى على الأقل تتخيله.
• والسرد هنا سرد تصوري تغلب عليه بساطة اللغة وعمق المعني وجمال الصورة فهو رسم إبداعي لخيال قد انقطع عن أجيال ولكنه ما يزال متصلا بأجيال عديدة، فالكاتب يرسم لنا صورة حية للفرن البلدي فيعطي الراوي وصفا بسيطا للفرن البلدي علي النحو التالي: "يصنع الفرن البلدي من الطين المخلوط بروث الحيوانات ويتم عجن هذا المخلوط ويترك بضعة أيام حتى يتعفن ومنه تتم صناعة الفرن وهي عبارة عن دائرة قطرها يتجاوز متر ونصف متر ثم يصنع لها جدار من حوافها إلي أعلي يضيق شيئا فشيئا مكونا نصف كرة علي باطن الفرن وبه فتحة من قمته من أعلي وأخري من الأمام لإدخال العيش وإخراجه منها وفتحتان صغيرتان من الجانبين حتى يتم التحكم في درجة حرارة القرن فهذا الوصف الدقيق للفرن البلدي هو نوع من السرد التأريخي الوصفي ويصنف أيضا تحت ما يعرف بدراسات الذاكرة(memory Studies) والذي من خلاله نربط الماضي بالحاضر ونجعله دائما حيا في نفوس الأجيال المعاصرة حتى لا يذوب مع الحداثة وما بعدها ونفقد بوصلتنا الحضارية. 
• ولا يخفى على أحد أن جزء كبير وهام من إشكالية مصر المعاصرة وتراجعها الثقافي والحضاري والتاريخي أن هناك حلقة مفقودة في تاريخها القديم والتي أدت إلي تكوين هوية مهزوزة غير راسخة متقلبة، فالجزء الفرعوني بتاريخه العتيق محفوظ علي جدران المعابد ولكنه بعيد كل البعد عن قلوبنا وحياتنا، بل والكثيرون منا يعتبرونه رجس من عمل الشيطان، ولذلك فالسرد التاريخي هاما بل ضروريا لأنه دائما يحي القديم في النفوس، ويحول دون فنائه أو نهايته. ولهذا يحاول الكاتب تذكيرنا بالعيش الشمسي (عيش الرغفان) وبالبتاو، وإذا ذكرت أمام أحدهم كلمة بثاو ربما ظنه نوع من أنواع البارود أو ماركة تجاريه غير أن السارد يوضح لنا أن البتاو هو"خبز غالبية أهل البلد في ذاك الزمان، ولا يختلف كثيرا في طريقة خبزه عن العيش الشمسي إلا أنه يصنع من دقيق القيضي (الذرة الرفيعة) بعد طحنها وغربلتها وعجنها بالماجور". 
• يصول ويجول الراوي في غياهب الماضي القريب والذي يراه الكثيرون منا بعيد ليعرض لنا عوالم أخري وثقافات وعادات قد أوشكت علي الاندثار فيروي نظام الحلاقة في صعيد مصر، حيث كان الحلاق يحدد ميعاد ليأتي إلي بيوت زبائنه ويحلق شعرهم به، وكيف كان الحلاق مثل الحكيم أو الممرض واصفا حماره وحقيبته الجلدية العتيقة وأدواته التي تشبه أدوات الجراح، فهو من كان يتولى طهارة الصبيان، ولم يكن حينذاك كرسي للحلاق، بل كان الرجل يجلس أمامه جلسة القرفصاء ليحلق له.
• وبعد أن سرد لنا الراوي جوانب مفقودة من ماضي قريب يأتي ليؤرخ ساردا سردا تاريخيا جميلا قد أوشك علي الانتهاء فيتكلم عن الألعاب المفقودة أو العاب الزمن الجميل، وكأنه يدعونا ويدعو مؤسساتنا الثقافية والدولة بصورة غير مباشرة إلى إحياء تراثنا الجمعي الجميل في نفوس أطفالنا، وكأنه يحدد العرض قبل تشخيصه للمرض فكما يقول المثل "من فات قديمة تاه فيعرض ذاكرة للألعاب القديمة ومنها الاستغماية ولكنها استغماية بروح التراث الذي يتكون من "الميك" وهو الملاذ الأمن الذي إذا ما دخلة الطفل أو لامسة فهو في أمن وسلام، ولكن هناك من يقوم بحماية الميك وهو من يحول دون أن يلمسه أو يدخله احد من الأطفال لتستمر اللعبة بين مدافع عن ميك وبين أطفال يختبئون بين الأشجار والشوارع الجانبية و وزراعات القصب ليطلق أحدهم لفظ "طوط" فيقوم حارس الميك مغمض العينين بفتح عينية ويجري وراء الصبية في جو من المرح والفرح, لقد كانت ألعابا بسيطة وحياة بسيطة جميلة هادئة من بينها "الحجلة " واليساري و"السيجة". 
• ينتقل السارد وبتفصيل جميل لذكريات صعيد مصر من العاب وقصص جميلة وحياة بسيطة إلي التعليم السائد في تلك الحقبة، حيث يستهل السارد نظرته عن التعليم بمقولة سمعها كثيرا بأن "التعليم في الصغر كالنقش علي الحجر"، فيسرد لنا السارد أن الكتاب "هو المكان المعد لتعليم الصبية مبادئ القراءة والكتابة وحفظ أجزاء من القران الكريم، وهو عبارة عن حجرة صغيرة وأحيانا حجرتان يجلس عند مدخل الباب الشيخ علي سرير مصنوع من جريد النخل وترص بجانبه الألواح التي يكتب عليها الصغار حروف الهجاء أو بعض آيات الكتاب المبين".
• يختتم السارد سرده الفني الجميل عن ذاكرة الصعيد بموسم الهجرة، فهي ليست هجرة الطيور الموسمية، ولكنها هجرة الشباب في الصيف إلي القاهرة والي مدن الوجه البحري للبحث عن مصدر للرزق حيث يصنع الشباب البوظة ويبيعونها إلي أهل القاهرة، لتأتي بعد ذلك ثورة النفط في ليبيا والخليج والعراق ليهاجر شباب ورجال الصعيد إلي تلك الدول للعمل ومن هنا كانت بداية تحولات كبري للمجتمع الصعيدي من حيث العادات والتقاليد والمسكن.
• فقد حدثت ثورة حمراء تهدمت من خلالها البيوت الطينية الجميلة وتهدم معها كل جميل وتم استبدالها ببيوت حمراء ذات أسقف خراسانية مثل علب الكبريت، خالية من الجمال، بل شديدة الحرارة، ومعها بدأ التغير في الريف محيلا جماله وطبيعته إلي طبيعة أخري تغلب عليها المادية ومقتنيات الخليج من أجهزة وملابس وقيم تختلف عن قيم ارض الصعيد. ويسرد الراوي أيضا نوع جديد من الهجرة وهي هجرة الطبقة المتعلمة إلي أوروبا حيث العلم والتنوير والبداية في الاطلاع علي ثقافات وأفكار ورادة من عوالم جديدة. 
• وفي نهاية مطافي بتلك الرواية الجميلة يمكن القول أن العيش الشمسي ترتبط بشكل قوي بما يسمى بـــ ـMemory Studies، أي دراسات الذاكرة، وهي تقنية أدبية تعتمد على سرد الماضي لتوضح علاقته بالحاضر، ومدي تأثيره علي الحاضر، وهي أحدي التقنيات التي تهدف إلي الحفاظ علي التراث بل وإحيائه في نفوس الأجيال المعاصرة والقادمة وذلك بهدف ترسيخ الهوية الأصيلة للشعوب وربط الماضي بالحاضر والحد من ظاهرة التجريف الثقافي والمعرفي والأخلاقي للشعوب. وأخيرا وليس آخرا فلي أن أقول أن الكاتب كان موفقا في ذلك بدءا من اختياره للعنوان الذي يحمل العيش والشمسي فحياة مصر في شمسها الذهبي وعيشها في عيشها كما هو في خبزها.
أ. د. / محمد سعيد أحمد علي 
* د. / السيد محمد إسماعيل
أستاذ الأدب الانجليزي * أستاذ الأدب الانجليزي المساعد كلية الآداب - جامعة أسوان
* جامعة الأمير سطام بن عبدالعز
المملكة العربية السعودية