06‏/12‏/2016

ديوان ابن الفارض



نتيجة بحث الصور عن ابن الفارض


سَقَتْنِي حُمَيَّا الحُبِّ..
المُسَمَّاةُ "نَظْمُ الدُّرِّ أَوْ نَظْمُ السُّلُوكِ" وَالمَعْرُوفَةُ بـِ"التَائِيَّةُ الكُبْرَى"
وَقَالَ أَيْضًا- قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ وَنَوَّرَ ضَرِيحَهُ
عَلَى لِسَانِ أَهْلِ المَعْرِفَةِ المُكَاشَفِينَ
قَصِيدَتَهُ المَوْسُومَةَ بِنَظْمِ الدُرِّ



سَقَتْنِي حُمَيَّا الحُبِّ [1]
1
سَقَتْنِي حُمَيَّا الحُبِّ رَاحَةُ مُقلَتِي


وَكَأْسِي مُحَيَّا مَنْ عَنِ الحُسْنِ جَلَّتِ

2
فَأَوْهَمْتُ صَحْبِي أَنَّ شُرْبَ شَرَابِهِمْ


بِهِ سُرَّ سِرِّي فِي انْتِشَائِي بِنَظْرَتِى

3
وَبِالحَدَقِ اسْتَغْنَيْتُ عَنْ قَدَحِي وَمِنْ


شَمَائِلِهَا لاَ مِنْ شَمُولِيَ نَشْوَتِي

4
فَفِي حَانِ سُكْرِي حَانَ شُكْرِي لِفِتْيَةٍ


بِهِمْ تَمَّ لِي كَتْمِى الهَوَى مَعَ شُهْرَتِي

5
وَلَمَّا انْقَضَى صَحْوي تَقَاضَيْتُ وَصْلَهَا


وَلَمْ يَغْشَنِي فِي بَسْطِهَا قَبْضُ خَشْيَةِ

6
وَأَبْثَثْتُهَا مَا بِي وَلَمْ يَكُ حَاضِرِي


رَقِيبٌ بَقَا حَظٍّ بِخَلْوَةِ جَلْوَةِ

7
وَقُلْتُ وَحَالِي بِالصَّبَابَةِ شَاهِدٌ


وَوَجْدِي بِهَا مَاحِيَّ وَالفَقْدُ مُثْبِتِي

8
هَبِي قَبْلَ يُفْنِي الحُبُّ مِنِّي بَقيَّةً


أَرَاكِ بِهَا لِي نَظْرَةَ المُتَلَفِّتِ

9
ومُنِّي عَلَى سَمْعِي بِـ"لَنْ" إِنْ مَنَعْتِ أَنْ


أَرَاكِ فَمِنْ قَبْلِي لِغَيْرِيَ لَذَّتِ

10
فَعِنْدِي لِسُكْرِي فَاقَةٌ لِإِفَاقَةٍ


لَهَا كَبِدِي لَوْلاَ الهَوَى لَمْ تَفَتَّتِ

11
وَلَوْ أَنَّ مَا بِي بِالجِبَالِ وَكَانَ طُو


رُ سِينَا بِهَا قَبْلَ التَجَلِّي لَدُكَّتِ

12
هَوًى عَبْرَةٌ نَمَّتْ بِهِ وَجَوىً نَمَتْ


بِهِ حُرَقٌ أدْوَاؤُهَا بِيَ أوْدَتِ

13
فَطُوفَانُ نُوحٍ عِنْدَ نَوْحِي كَأَدْمُعي


وَإيْقَادُ نِيرَانِ الخَلِيلِ كَلَوْعَتِي

14
وَلَوْلاَ زَفِيرِي أََغْرَقَتْنِي مَدَامِعِي


وَلَوْلاَ دُمُوعِي أَحْرَقَتْنِيَ زَفْرَتِي

15
وَحُزْنِيَ مَا يَعْقُوبُ بَثَّ }أقَلُّهُ{


وَكُلُّ بَلاَ أيُّوبَ بَعْضُ بَلِيَّتِي

16
وَآخِرُ مَا أَلْقَى الأُلَي عَشِقُوا إِلَى ال


ـرَّدَى بَعْضُ مَا لاَقَيْتُ أَوَّلَ مِحْنَتِي

17
فَلَوْ سَمِعَتْ أُذْنُ الدَّلِيلِ تَأَوُّهِي


لِآلاَمِ أسْقَامٍ بِجِسْمِي أَضَرَّتِ

18
لَأَذْكَرَهُ كَرْبِي أَذَى عَيْشِ أزْمَةٍ


بِمُنْقَطِعِي رَكْبٍ إِذَا العِيسُ زُمَّتِ

19
وَقَدْ بَرَّحَ التَّبْرِيحُ بِي وَأَبَادَنِي


وَأَبْدَى الضَّنَى مِنِّي خَفِيَّ حَقيقَتِي

20
فَنَادَمْتُ فِي شَكْوَى النُّحُولِ مُرَاقِبِي


بِجُمْلَةِ أَسْرَارِي وَتَفْصِيلِ سِيرَتِي

21
ظَهَرْتُ لَهُ وَصْفاً وَذَاتِي بِحَيْثُ لا


يَرَاهَا لِبَلْوًى مِنْ جَوَى الحُبِّ أَبْلَتِ

22
فَأَبْدَتْ وَلَمْ يَنْطِقْ لِسَانِي لِسَمْعِهِ


هَوَاجِسُ نَفْسِي سِرَّ مَا عَنْهُ أخْفَتِ

23
وَظَلَّتْ لِفِكْرِي أُذنُْهُ خُلُدًا بِهَا


يَدُورُ بِهِ عَنْ رُؤْيَةِ العَيْنِ أَغْنَتِ

24
فَأَخْبَرَ مَنْ فِي الحَيَّ عَنِّيَ ظَاهِرًا


بِبَاطِنِ أَمْرِي }وَهْوَ{ مِنْ أهْلِ خِبْرَةِ

25
كَأنَّ الكِرَامَ الكَاتِبِينَ تَنَزَّلُوا


عَلَى سَمْعِهِ وَحْياً بِمَا فِي صَحِيفَتِي

26
وَمَا كَانَ يَدْرِي مَا أُجِنُّ وَمَا الَّذِي


حَشَايَ مِنَ السِّرِّ المَصُونِ أكنَّتِ

27
وَكَشْفُ حِجَابِ الجِسْمِ أبْرَزَ سِرَّ مَا


بِهِ كَانَ مَسْتُورًا لَهُ مِنْ سَرِيرَتِي

28
وَعَنْهُ بِسِرِّى كُنْتُ فِي خُفْيَةٍ وَقَدْ


خَفَتْهُ لِوَهْنٍ مِنْ نُحُولِيَ أنَّتِي

29
فَأَظْهَرَنِي سُقْمٌ بِهِ كُنْتُ خَافِيًا


لَهُ وَالهَوَى يَأتِي بِكُلِّ غَرِيبَةِ

30
وَأَفْرطَ بِي ضُرٌّ تَلاَشَتْ لِمَسِّهِ


أَحَادِيثُ نَفْسٍ كَالمَدَامِعِ نَمَّتِ

31
فَلَوْ هَمَّ مَكْرُوهُ الرَّدَى بِي لَمَا دَرَى


مَكَانِي وَمِنْ إِخْفَاءِ حُبِّكِ خُفْيَتِي

32
وَمَا بِيْنَ شَوْقٍ وَاشْتِيَاقٍ فَنِيتُ فِي


تَوَلٍّ بِحَظْرٍ أَوْ تَجَلٍّ بِحَضْرَةِ

33
فَلَوْ لِفَنَائِي مِنْ فِنَائِكَ رُدَّ لِي


فُؤَادِيَ لَمْ يَرْغَبُ إلِى دَارِ غُرْبَةِ

34
وعُنْوَانُ شَأْنِي مَا أبُثُّكِ }بِعْضُهُ{


وَمَا تَحْتَهُ إِظْهَارُهُ فَوْقَ قُدْرَتِي

35
وَأَسْكُتُ عَجْزًا عَنْ أُمُورٍ كَثِيرةٍ


بِنُطْقِيَ لَنْ تُحْصَى وَلَوْ قُلْتُ قَلَّتِ

36
شِفَائِيَ أَشْفَى بَلْ قَضَى الوَجْدُ أَنْ قَضَى


وَبَرْدُ غَلِيلِي وَاجِدٌ حَرَّ غُلَّتِي

37
وَبَالِيَ أبْلَى مِنْ ثِيَابِ تَجَلُّدِي


بَلْ الذَّاتُ فِي الإعْدَامِ نِيطَتْ بِلَذَّتِى

38
فَلَوْ كَوشِفَ العُوَّادُ بِي وَتَحَقَّقُوا


مِنَ اللَّوْحِ مَا مِنِّي الصَّبَابَةُ أبْقَتِ

39
لَمَا شَاهَدَتْ مِنِّي بَصَائِرُهُمْ سِوَى


تخَلُّلِ رُوحٍ بَيْنَ أثْوَابِ مَيِّتِ

40
وَمُنْذُ عَفَا رَسْمِي وَهِمْتُ وهِمْتُ فِي


وُجُودِي فَلَمْ تَظْفَرْ بكَوْنِيَ فِكْرَتِي

41
وَبَعْدُ فَحَالِي فِيكِ قَامَتْ بِنَفْسِهَا


وَبَيِّنَتِي فِي سَبْقِ رُوحِي بِنْيَتِي

42
وَلَمْ أَحْكِ فِي حُبِّيكِ حَالِي تَبرُّمًا


بِهَا لاِضْطِرَابٍ بَلْ لِتَنْفِيسِ كُرْبَتِي

43
وَيَحْسُنُ إِظْهَارُ التَّجَلُّدِ لِلعِدَى


وَيقْبُحُ غَيْرُ العَجْزِ عِنْدَ الأَحِبَّةِ

44
وَيَمْنَعُنِي شَكْوَايَ حُسْنُ تَصَبُّرِي


وَلَوْ أَشْكُ مَا بِي لِلْأَعَادِى لَأَشْكَتِ

45
وَعُقْبِى اصْطِبَارِي فِي هَوَاكِ حَمِيدَةٌ


عَلَيْكِ وَلَكِنْ عَنْكِ غَيْرُ حَميدَةِ

46
وَكُلُّ أَذىً فِي الحُبِّ مِنْكِ إِذَا بَدَا


جَعَلْتُ لَهُ شُكْرِي مَكَانَ شَكِيَّتي

47
وَما حَلَّ بِي مِنْ مِحْنَةٍ فَهْىَ مِنْحَةٌ


إِذَا سَلِمَتْ مِنْ حَلِّ عَقْدٍ عَزِيمَتِي

48
نَعَمْ وَتَبَارِيحُ الصَّبَابَةِ إِذْ عَدَتْ


عَلَيَّ مِنَ النَّعْمَاءِ فِي الحُبِّ عُدَّتِ

49
وَمِنْكِ }شَقَائِي{ بَلْ بَلاَئِيَ مِنَّةٌ


وَفِيْكِ لِبَاسِي البُؤْسَ أسْبَغُ نِعْمَةِ

50
أرَانِيَ مَا أُولِيتُهُ خَيْرَ فِتْنَةٍ


قَديِمُ وَلاَئِي فِيْكِ مِنْ شَرِّ فِتْيَةِ

51
فَلاَحٍ وَوَاشٍ ذَاكَ يُهْدِي لِغِرَّةٍ


ضَلاَلاً وَذَا بِي ظَلَّ يَهْذِي لِغيِْرَةِ

52
أُخَالِفُ ذَا فِي لَوْمِهِ عَنْ تُقَىً كَمَا


أُحَالِفُ ذَا فِي لُؤْمِهِ عَنْ تَقِيَّةِ

53
وَمَا رَدَّ وَجْهِي عَنْ سَبِيلِكِ هَوْلُ مَا


لَقِيتُ وَلاَ ضَرَّاءُ فِي ذَاكَ مَسَّتِ

54
وَلاَ حِلمَ لِي فِي حَمْلِ مَا فِيْكِ نَالَنِي


يُؤَدِّي لِحَمْدِي أوْ لَمَدْحِ مَوَدَّتِي

55
قَضَى حُسْنُكِ الدَّاعِي إِلَيْكِ احْتِمَالَ مَا


قَصَصْتُ وَأَقْصَى بَعْدَ مَا بَعْدَ قِصَّةِ

56
وَمَا هُوَ إِلاَّ أَنْ ظَهَرْتِ لِنَاظِرِي


بأَكْمَلِ أَوْصَافٍ عَلَى الحُسْنِ أَرْبَتِ

57
فَحَلَّيْتِ لِي البَلْوَى فَخَلَّيْتُ بَيْنَهَا


وَبَيْنِي فَكَانَتْ مِنْكِ أَجْمَلَ حِلْيَةِ

58
وَمَنْ يَتَحَرَّشْ بِالجَمَالِ إِلَى الرَّدَى


أَرَى نَفْسَهُ مِنْ أَنْفَسِ العَيْشِ رُدَّتِ

59
وَنَفْسٌ تَرَى فِي الحُبِّ أَنْ لاَ تَرَى عَنًا


مَتَى مَا تَصَدَّتْ لِلصَّبَابَةِ صُدَّتِ

60
وَمَا ظَفِرَتْ بِالوُدِّ رُوحٌ مُرَاحَةٌ


وَلاَ بِالوَلاَ نَفْسٌ صَفَا العَيْشِ وَدَّتِ

61
وَأَيْنَ الصَّفَا هَيْهَاتَ مِنْ عَيْشِ عَاشِقٍ


وَجَنَّةُ عَدْنٍ بِالمَكَارِهِ حُفَّتِ

62
وَلِي نَفْسُ حُرٍّ لَوْ بَذَلْتُ لَهَا عَلَى


تَسَلّيكِ مَا فَوْقَ المُنَى مَا تَسَلَّتِ

63
وَلَوْ أُبْعِدَتْ بِالصَّدِّ وَالهَجْرِ وَالقِلَى


وَقَطْعِ الرَّجَا عَنْ خُلَّتِي مَا تَخَلَّتِ

64
وَعَنْ مَذْهَبِي فِي الحُبِّ مَا لِيَ مَذْهَبٌ


وَإِنْ مِلْتُ يَوْمًا عَنْهُ فَارَقْتُ مِلَّتِي

65
وَلَوْ خَطَرَتْ لِي فِي سِوَاكِ إرَادَةٌ


عَلَى خَاطِرِي سَهْوًا قَضَيْتُ بِرِدَّتِي

66
لَكِ الحُكْمُ فِي أَمْرِي فَمَا شِئْتِ فَاصْنَعِي


فَلَمْ تَكُ إلاَّ فِيْكِ لا عَنْكِ رَغْبَتِي

67
وَمُحْكَمِ حُبِّ لَمْ يُخَامِرْهُ بَيْنَنَا


تَخَيُّلُ نَسْخٍ وَهْوَ خَيْرُ أَلِيَّةِ

68
وَأَخْذِكِ مِيثَاقَ الوَلاَ حِينَ لَمْ أَبِنْ


بِمَظْهَرِ لَبْسِ النَّفْسِ فِي فَيْءِ طِينَتِي

69
وَسَابِقِ عَهْدٍ لَمْ يَحُلْ مُذْ عَهِدْتِهِ


وَلاَحِقِ عَقْدٍ جَلَّ عَنْ حَلِّ فَتْرَةِ

70
وَمَطْلِعِ أَنْوَارٍ بِطَلْعَتِكِ الَّتِي


لِبَهْجَتِهَا كُلُّ البُدُورِ اسْتَسَرَّتِ

71
وَوَصْفِ كَمَالٍ فِيْكِ أحْسَنُ صُورَةٍ


وَأَقْوَمُهَا فِي الخَلْقِ مِنْهُ اسْتَمَدَّتِ

72
وَنَعْتِ جَلاَلٍ مِنْكِ يَعْذُبُ دُونَهُ


عَذَابِي وَتَحْلُو عِنْدَهُ لِيَ قِتْلَتِي

73
وَسِرِّ جَمَالٍ عَنْكِ كُلُّ مَلاَحَةٍ


بِهِ ظَهَرَتْ فِي العَالَمِينَ وَتَمَّتِ

74
وَحُسْنٍ بِهِ تُسْبَى النُّهَى دَلَّنِي عَلَى


هَوًى حَسُنَتْ فِيهِ لِعِزِّكِ ذِلَّتِي

75
وَمَعْنىً وَرَاءَ الحُسْنِ فِيكِ شَهِدْتُهُ


بِهِ دَقَّ عَنْ إِدْرَاكِ عَيْنِ بَصِيرَتِي

76
لَأَنْتِ مُنَى قَلْبِي وَغَايَةُ مَطْلَبِى


وَأَقْصَى مُرَادِي وَاخْتِيَارِي وَخِيرَتِي

77
(خَلَعْتُ عِذَارِي وَاعْتِذَارِيَ لاَبِسَ الـ


ـخَلاَعَةِ مسْرُورًا بِخَلْعِي وَخِلْعَتِي)

78
وَخَلْعُ عِذَارِي فِيكِ فَرْضِي وَإِنْ أَبَى اقْـ


ـتِرَابِيَ قَوْمِي وَالخَلاَعَةُ سُنَّتِي

79
وَلَيْسُوا بِقَوْمِي مَا اسْتَعَابُوا تَهَتُّكِي


فَأَبْدَوْا قِلًى وَاسْتَحْسَنُوا فِيكِ جَفْوَتِي

80
وَأَهْلِيَ فِي دِينِ الهَوَى أَهْلُهُ وَقَدْ


رَضُوا لِيَ عَارِي واسْتَطَابُوا فَضِيحَتِي

81
فَمَنْ شَاءَ فَلْيَغْضَبْ سِوَاكِ فَلاَ أَذًى


إِذَا رَضِيَتْ عَنِّي كِرَامُ عَشِيرَتِي

82
وَإِنْ فَتَنَ النُّسَّاكَ بَعْضُ مَحَاسِنٍ


لَدَيْكِ فَكُلٌ مِنْكِ مَوْضِعُ فِتْنَتِي

83
وَمَا احْتَرْتُ حَتَّى اخْتَرْتُ حُبِّيكِ مَذْهَبًا


فَوَاحَيْرَتِي لَوْ لَمْ تَكُنْ فِيكِ حِيْرَتِي

84
فَقَالَتْ: هَوَى غَيْرِي قَصَدْتَ وَدُونَهُ اقْـ


ـتَصَدْتَ عَميًّا عَنْ سَوَاءِ مَحَجَّتِي

85
وَغَرَّكَ حَتَّى قُلْتَ مَا قُلْتَ لاَبِسًا


بِهِ شَيْنَ مَيْنٍ لَبْسَ نَفْسٍ تَمَنَّتِ

86
وَفِي أَنْفَسِ الأَوْطَارِ أمْسَيْتَ طَامِعًا


بِنَفْسٍ تَعَدَّتْ طَوْرَهَا فَتَعَدَّتِ

87
وَكَيْفَ بِحُبِّي وَهْوَ أَحْسَنُ خُلَّةٍ


تَفُوزُ بِدَعْوَى }وَهْيَ{ أَقْبَحُ خَلَّةِ

88
وَأَيْنَ السُّهَا مِنْ أَكْمَهٍ عَنْ مُرَادِهِ


سَهَا عَمَهًا لَكِنْ أَمَانِيكَ غَرَّتِ

89
فَقُمْتَ مَقَامًا حُطَّ قَدْرُكَ دُونَهُ


عَلَى قَدَمٍ عَنْ حَظِّهَا مَا تَخَطَّتِ

90
وَرُمْتَ مَرَامًا دُونَهُ كَمْ تَطَاوَلَتْ


بِأَعْنَاقِهَا قَوْمٌ إِلَيْهِ فَجُدَّتِ

91
أَتَيْتَ بُيُوتًا لَمْ تُنَلْ مِنْ ظُهُورِهَا


وَأَبْوَابُهَا عَنْ قَرْعِ مِثْلِكَ سُدَّتِ

92
وَبَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكَ قَدَّمْتَ زُخْرُفًا


تَرُومُ بِهِ عِزًّا مَرَامِيهِ عَزَّتِ

93
وَجِئْتَ بِوَجْهٍ أَبْيَضٍ غَيْرَ مُسْقِطٍ


لِجَاهِكَ فِي دَارَيْكَ خَاطِبَ صَفْوَتِي

94
وَلَوْ كُنْتَ بِي مِنْ نُقْطَةِ البَاءِ خَفْضَةً


رُفِعْتَ إِلَى مَا لَمْ تَنَلْهُ بِحِيلَةِ

95
بِحَيْثُ تَرَى أَنْ لاَ تَرَى مَا عَدَدْتَهُ


وَأَنَّ الَّذِي أَعْدَدْتَهُ غَيْرُ عُدَّةِ

96
وَنَهْجُ سَبِيلِي وَاضِحٌ لِمَنِ اهْتَدَى


وَلَكِنَّهَا الأَهْوَاءُ عَمَّتْ فأَعْمَتِ

97
وَقَدْ آنَ أَنْ أُبْدِي هَوَاكَ وَمَنْ بِهِ


ضَنَاكَ بِمَا يَنْفِي ادِّعَاكَ مَحَبَّتِي

98
حَلِيفُ غَرَامٍ أنْتَ لَكِنْ بِنَفْسِهِ


وَإِبْقَاكَ وَصْفًا مِنْكَ بَعْضُ أَدِلَّتِي

99
فَلَمْ تَهْوَنِي مَا لَمْ تَكُنْ فِيَّ فَانِيًا


وَلَمْ تَفْنَ مَا لَمْ تُجْتَلَى فِيكَ صُورَتِي

100
فَدَعْ عَنْكَ دَعْوَى الحُبِّ وَادْعُ لِغَيْرِهِ


فُؤَادَكَ وَادْفَعْ عَنْكَ غَيَكَ بـ "ـالَّتِي"

101
وَجَانِبْ جَنَابَ الوَصْلِ هَيْهَاتَ لَمْ يَكُنْ


وَهَا أَنْتَ حَيٌّ إِنْ تَكُنْ صَادِقًا مُتِ

102
هُوَ الحُبُّ إِنْ لَمْ تَقْضِ لَمْ تَقْضِ مَأرَبًا


مِنَ الحُبِّ فَاخْتَرْ ذَاكَ أَوْ خَلِّ خُلَّتِي

103
فَقُلْتُ لَهَا: رُوحِي لَدَيْكِ وَقَبْضُهَا


إِلَيْكِ وَمَا لِي أَنْ تَكُونَ بِقَبْضَتِي

104
وَمَا أَنَا بِالشَّانِي الوَفَاةَ عَلَى الهَوَى


وَشَأْنِي وَفًا تَأْبَى سِوَاهُ سَجِيَّتِي

105
وَمَاذَا عَسَى عَنِّي يُقْالُ سِوَى قَضَى


فُلاَنٌ هَوًى مَنْ لِي بِذَا وَهْوَ بُغْيَتِي

106
أجَلْ أَجَلِي أَرْضِى إِنْقِضَاهُ صَبَابَةً


وَلا وَصْلَ إِنْ صَحَّتْ لِحُبِّكَ نِسْبَتِي

107
وَإِنْ لَمْ أَفُزْ حَقًّا إِلَيْكِ بِنِسْبَةٍ


لِعِزّتِهَا حَسْبِي افْتِخَارًا بِتُهْمَتِي

108
وَدُونَ إِتِّهَامِي إِنْ قَضَيْتُ أَسًى فَمَا


أَسَأْتِ بِنَفْسٍ بِالشَّهَادَةِ سُرَّتِ

109
وَلِي مِنْكِ كَافٍ إِنْ هَدَرْتِ دَمِي وَلَمْ


أُعَدَّ شَهِيدًا عِلْمُ دَاعِي مَنِيَّتِي

110
وَلَمْ تَسْوَ رُوحِي فِي وِصَالِكِ بَذْلَهَا


لَدَيَّ لِبَوْنٍ بَيْنَ صَوْنٍ وَبِذْلَةِ

111
وإِنِّي ِإلَى التَّهْدِيدِ بِالمَوْتِ رَاكِنٌ


وَمِنْ هَوْلِهِ أَرْكَانُ غَيْرِيَ هُدَّتِ

112
وَلَمْ تَعْسِفِي بِالقَتْلِ رُوحِىَ بَلْ لَهَا


بِهِ تُسْعِفِي إِنْ أَنْتِ أَتْلَفْتِ مُهْجَتِي

113
فَإِنْ صَحَّ هَذَا الفَأْلُ مِنْكِ رَفَعْتِنِي


وَأَعْلَيْتِ مِقْدَارِي وَأَغْلَيْتِ قِيمَتِي

114
وَهَا أَنَا مُسْتَدْعٍ قَضَاكِ وَمَا بِهِ


رِضَاكِ وَلاَ أَخْتَارُ تَأخِيرَ مُدَّتِي

115
وَعِيدُكِ لِي وَعْدٌ وَإِنْجَازُهُ مُنَى


وَلِيٍّ بِمَهْمَا يُرْمَ فِى الحُبِّ يَثْبُتِ

116
وَقَدْ صِرْتُ أَرْجُو مَا يُخَافُ فَأَسْعِدِي


بِهِ رُوحَ مَيْتٍ لِلحَيَاةِ اسْتَعَدَّتِ


144
أَغَارُ عَلَيْهَا أَنْ أَهِيمَ بِحُبِّهَا


وَأَعْرِفُ مِقْدَارِي فَأُنْكِرُ غَيْرَتِي

145
فَتُخْتَلَسُ الرُّوحُ ارْتِيَاحًا لَهَا وَمَا


أُبَرِّئُ نَفْسِي مِنْ تَوَهُّمِ مُنْيَتِي

146
يَرَاهَا عَلَى بُعْدٍ عَنِ العَيْنِ مِسْمَعِي


بِطَيْفِ مَلاَمٍ زَائِرٍ حِينَ يَقْظَتِي

147
فَيَغْبِطُ طَرْفِي مِسْمَعِي عِنْدَ ذِكْرِهَا


وَتَحْسُدُ مَا أَفنَتْهُ مِنِّي بَقِيَّتِي

148
أَمَمْتُ إِمَامِي فِي الحَقِيقَةِ فَالوَرَى


وَرَائِي وَكَانَتْ حَيْثُ وَجَّهْتُ وِجْهَتِي

149
يَرَاهَا أَمَامِي فِي صَلاَتِيَ نَاظِرِي


وَيَشْهَدُنِي قَلْبِي إِمَامَ أَئِمَّتِي

150
وَلاَ غَرْوَ إِنْ صَلَّى الإِمَامُ إِلَيَّ أَنْ


ثَوَتْ بِفُؤَادِي وَهْيَ قِبْلَةُ قِبْلَتِي

151
وَكُلُّ الجِهَاتِ السِّتِّ نَحْوِي مُشِيرَةٌ


بِمَا ثَمَّ مِنْ نُسْكٍ وَحَجٍّ وَعُمْرَةِ

152
لَهَا صَلَوَاتِي بِالمَقَامِ أُقِيمُهَا


وَأَشْهَدُ فِيهَا أَنَّهَا لِيَ صَلَّتِ

153
كِلاَنَا مُصَلٍّ وَاحِدٌ سَاجِدٌ إِلَى


حَقِيقَتِهِ بِالجَمْعِ فِي كُلِّ سَجْدَةِ

154
وَمَا كَانَ لِي صَلَّى سِوَايَ وَلَمْ تَكُنْ


صَلاَتِي لِغَيْرِي فِي أَدَا كُلِّ رَكْعَةِ

155
إِلَى كَمْ أُوَاخِي السِّتْرَ هَا قَدْ هَتَكْتُهُ


وَحَلُّ أُوَاخِي الحُجْبِ فِي عَقْدِ بَيْعَتِي

156
مُنِحْتُ وَلاَهَا يَوْمَ لاَ يَوْمَ قَبْلَ أَنْ


بَدَتْ عِنْدَ أَخْذِ العَهْدِ فِي أَوَّلِيَّتِي

157
فَنِلْتُ هَوَاهَا لاَ بِسَمْعٍ وَنَاظِرٍ


وَلاَ بِاكْتِسَابٍ وَاجْتِلاَبِ جِبِلَّةِ

158
وَهِمْتُ بِهَا فِي عَالَمِ الأَمْرِ حَيْثُ لاَ


ظُهُورٌ وَكَانَتْ نَشْوَتِي قَبْلَ نَشَأَتي

159
فَأَفْنَي الهَوَى مَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ بَاقِيًا


هُنَا مِنْ صِفَاتٍ بَيْنَنَا فَاضْمَحَلَّتِ

160
فَأَلْفِيْتُ مَا أَلْقَيْتُ عَنِّيَ صَادِرًا


إِلَيَّ وَمِنِّي وَارِدًا بِبَصِيرَتِي

161
وَشَاهَدْتُ نَفْسِي بِالصِّفَاتِ الَّتِي بِهَا


تَحَجَّبْتِ عَنِّي فِي شُهُودِي وَحِجْبَتِي

162
وَأَنِّي الَّتِي أَحْبَبْتُهَا لاَ مَحَالَةً


وَكَانَتْ لَهَا نَفْسِي عَلَيَّ مُحِيلَتِي

163
فَهَامَتْ بِهَا مِنْ حَيْثُ لَمْ تَدْرِ }وَهْيَ{ فِي


شُهُودِي بِنَفْسِ الأَمْرِ غَيْرُ جَهُولَةِ

164
وَقَدْ آنَ لِي تَفْصِيلُ مَا قُلْتُ مُجْمَلاً


وَإِجْمَالُ مَا فَصَّلْتُ بَسْطًا لِبَسْطَتِي

165
أَفَادَ اتِّخَاذِي حُبَّهَا لاِتّحَادِنَا


نَوَادِرَ عَنْ عَادِ المُحِبِّينَ شَذَّتِ

166
يَشِي بِيَ لِيَ الوَاشِي إِلَيْهَا وَلاَئِمِي


عَلَيْهَا بِهَا يُبْدِي لَدَيْهَا نَصِيحَتِي

167
فَأُوسِعُهَا شُكْرًا وَمَا أَسْلفَتْ قِلىً


وَتَمْنَحُنِي بِرًّا لِصِدْقِ المَحَبَّةِ

الجزء الأخير من القصيدة [2]
704
وَكُلُّ الَّذِى شَاهَدْتَهُ فِعْلُ وَاحِدٍ


بِمُفْرَدِهِ لَكِنْ بِحُجْبِ الأَكِنَّةِ

705
إِذَا مَا أَزَاَلَ السِّتْرَ لَمْ ترَ غَيْرَهُ


وَلَمْ يَبْقَ بِالأَشْكَالِ إِشْكَالُ رِيبَةِ

706
وَحَقَّقْتَ عِنْدَ الكَشْفِ أَنَّ بِنُورِهِ اهْـ


ـتَدَيْتَ إِلَى أفْعَالِهِ فِي الدُّجُنَّةِ

707
كَذَا كُنْتُ مَا بَيْنِىَ وَبَيْنِىَ مُسْبِلاً


حِجَابَ الْتِبَاسِ النَّفْسِ فِى نُورِ ظُلْمَتِى

708
لِأَظْهَرَ بِالتَّدْرِيجِ لِلْحِسِّ مُؤْنِسًا


لَهَا فِى ابْتِدَاعِى، دَفْعَةً بَعْدَ دَفْعَةِ

709
قَرَنْتُ بِجِدِّي لَهْوَ ذَاكَ مُقَرِّبًا


لِفَهْمِكَ غَايَاتِ المَرَامِي البَعِيدَةِ

710
وَيَجْمَعُنَا فِي المَظْهَرَيْنِ تَشَابُهٌ


وَليْسَتْ لِحَالِي حَالَةٌ بِشَبِيهَةِ

711
فَأَشْكَالُهُ كَانَتْ مَظَاهِرَ فِعْلِهِ


بِسَتْرٍ تَلاَشَتْ إِذْ تَجَلَّى وَوَلَّتِ

712
وَكَانَتْ لَهُ بِالفِعْلِ نَفْسِي شَبِيهَةً


وَحِسِّيَ كَالأَشْكَالِ وَاللَّبْسُ سُتْرَتِي

713
فَلَمَّا رَفَعْتُ السِّتْرَ عَنِّي كَرَفْعِهِ


بِحَيْثُ بَدَتْ لِي النَّفْسُ مِنْ غَيْرِ حَجْبَةِ

714
وَقَدْ طَلَعَتْ شَمْسُ الشُّهُودِ فَأَشْرَقَ الـ


وُجُودُ وَحَلَّتْ بِي عُقُودُ أَخِيِّةِ

715
قَتَلْتُ غُلاَمَ النَّفْسِ بَيْنَ إِقَامَتِي الـ


ـجِدَارَ لِأَحْكَامِي وَخَرْقِ سَفِينَتِي

716
وَعُدْتُ بِإِمْدَادِي عَلَى كُلِّ عَالَمٍ


عَلَى حَسَبِ الأَفْعَالِ فِى كُلِّ مُدَّةِ

717
وَلَوْلاَ احْتِجَابِى بِالصِّفَاتِ لَأُحْرِقَتْ


مَظَاهِرُ ذَاتِى مِنْ سَنَا سُبُحيَّتِى

718
وَأَلْسِنَةُ الأَكْوَانِ إِنْ كُنْتَ وَاعِياً


شُهُودٌ بِتَوْحِيدِى بَحَالٍ فَصِيحَةِ

719
وَجَاءَ حَدِيثٌ فِى اتِّحَادِىَ ثَابِتٌ


رِوَايَتُهُ فِى النَّقْلِ غَيْرُ ضَعِيفَةِ

720
يُشِيرُ بِحُبِّ الحَقُ بَعْدَ تَقَرُّبٍ


إِليْهِ بِنَفْلٍ أَوْ أَدَاءِ فَرِيضَةِ

721
وَمَوْضِعُ تَنْبِيهِ الإِشَارَةِ ظَاهِرٌ


بِـ"كُنْتُ لَهُ سَمْعًا" كَنُورِ الظَّهِيرَةِ

722
تَسَبَّبْتُ فِى التَّوْحِيدِ حَتَّى وَجَدْتُهُ


وَوَاسِطَةُ الأَسْبَابِ إِحْدَى الأَدِلَّة

723
وَوَحَّدْتُ فِى الأَسْبَابِ حَتَّى فَقَدْتُهَا


وَرَابِطَةُ التَّوْحِيدِ أَجْدَى وَسِيلَتِى

724
وَجَرَّدْتُ نَفْسِى عَنْهُمَا فَتَوَحَّدَتْ


وَلَمْ تَكُ يَوْمًا قَطُّ غَيْرَ وَحِيدَةِ

725
وَغُصْتُ بِحَارَ الجَمْعِ، بَلْ خُضْتُهَا عَلَى إِنْـ


ـفِرَادِى فَاسْتَخْرَجْتُ كُلَّ يَتِيمَةِ

726
لأَِسْمَعَ أَفْعَالِى بِسَمْعِ بَصِيرَةٍ


وَأَشْهَدَ أَقْوَاِلى بِعَيْنٍ سَمِيعَةِ

727
فَإِنْ نَاحَ فِى الأَيْكِ الهَزَارُ وَغَرَّدَتْ


جَوَابًا لَهُ الأَطْيَارُ فِى كُلِّ دَوْحَةِ

728
وَأَطْرَبَ بِالِمزْمَارِِ مُصْلِحُهُ عَلَى


مُناسَبَةِ الأَوْتَارِ مِنْ يَدِ قَيْنَةِ

729
وَغَنَّتْ مِنَ الأَشْعَارِ مَا رَقَّ فَارْتَقَتْ


لِسِدْرَتِهَا الأَسْرَارُ فِى كُلِّ شَذْرَةِ

730
تَنَزَّهْتُ فِى آثَارِ صُنْعِى مُنَزَّهًا


عَنِ الشِّرْكِ بِالأَغْيَارِ جَمْعِى وَأُلْفَتِى

731
فَبِى مَجْلِسُ الأَذْكَارِ سَمْعُ مُطَالِعٍ


وَلِى حَانَةُ الخَمَّارِ عَيْنُ طَلِيعَةِ

732
وَمَا عَقَدَ الزُّنَّارَ حُكْمًا سِوَى يَدِى


وَإِنْ حُلَّ بِالإِقْرَارِ بِى فَهْىَ حَلَّتِ

733
وَإِنْ نَارَ بِالتَّنْزيلِ مِحْرَابُ مَسْجِدٍ


فَمَا بَارَ بِالإِنْجِيلِ هَيْكَلُ بِيعَةِ

734
وَأَسْفَارُ تَوْرَاةِ الكَلِيم لِقَوْمِهِ


يُنَاجِى بِهَا الأَحْبَارُ فِى كُلِّ لَيْلَةِ

735
وَإِنْ خَرَّ لِلْأَحْجَارِ فِى البُدِّ عَاكِفٌ


فَلاَ تَعْدُ لِلْإِنْكَارِ بِالعَصَبِيَّةِ

736
فَقَدْ عَبَدَ الدِّينَارَ مَعْنًى مُنَزَّهٌ


عَنِ العَارِ فِى الإِشْرَاكِ بِالوَثَنِيَّةِ

737
وَقَدْ بَلَغَ الإِنْذَارُ عَنِّىَ مَنْ يَعِى


وَقَامَتْ بِىَ الأَعْذَارُ فِى كُلِّ فِرْقَةِ

738
وَمَا زَاغَتِ الأَبْصَارُ مِنْ كُلِّ مِلَّةٍ


وَمَا {رَاغَتِ} الأَفْكَارُ فِى كُلِّ نِحْلَةِ

739
وَمَا حَارَ مَنْ لِلشَّمْسِ عَنْ غِرَّةٍ صَبَا


وَإِشْرَاقُهَا مِنْ نُورِ إِسْفَارِ غُرَّتِى

740
وَإِنْ عَبَدَ النَّارَ الَمجُوسُ وَمَا انْطَفَتْ


كَمَا جَاءَ فِى الأَخْبَارِ فِى أَلْفِ حِجَّةِ

741
فَمَا قَصَدوا غَيْرِى وَإِنْ كَانَ قَصْدُهُمْ


سِوَاىَ وَإِنْ لَمْ يُظْهِرُوا عَقْدَ نِيَّةِ

742
رَأَوْا ضَوْءَ نُورِى مَرَّةً فَتَوَهَّمُو


هُ نَارًا فَضَلُّوا فِى الهُدىَ بِالأَشِعَّةِ

743
وَلَوْلاَ حِجَابُ الكَوْنِ قُلْتُ وَإِنَّمَا


قِيَامِى بِأَحْكامِ المَظَاهِرِ مُسْكِتِى

744
فَلاَ عَبَثٌ وَالخَلْقُ لَمْ يُخْلَقُوا سُدًى


وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَفْعَالُهُمْ بِالسَّدِيدَةِ

745
عَلَى سِمَةِ الأَسْمَاءِ تَجْرِى أُمُورُهُمْ


وَحِكْمَةُ وَصْفِ الذَّاتِ لِلْحُكْمِ أَجْرَتِ

746
يُصَرِّفُهُمْ فِى القَبْضَتَيْنِ "وَلاَ وَلاَ"


فَقَبْضَةُ تَنْعِيمٍ وَقَبْضَةُ شِقْوَةِ

747
أَلاَ هَكَذَا فَلْتُعْرَفِ النَّفْسُ أَوْ فَلاَ


وَيُتْلَى بِهَا العِرْفَانُ كُلَّ صَبِيحَةِ

748
وَعِرْفَانُهَا مِنْ نَفْسِهَا وَهِىَ الَّتِى


عَلَى الحِسِّ مَا أَمَّلْتُ مِنِّىَ أَمْلَتِ

749
وَلَوْ أَنَّنِى وَحَّدْتُ أَلْحَدْتُ وَانْسَلَخْـ


ـتُ مِنْ آىِ جَمْعِى مُشْرِكًا بِىَ صَنْعَتِى

750
وَلَسْتُ مَلُوماً أَنْ أَبُثَّ مَوَاهِبِى


وَأَمْنَحَ أَتْبَاعِى جَزِيلَ عَطِيَّتِى

751
وَلَى عَنْ مُفِيضِ الجَمْعِ عِنْدَ سَلاَمِهِ


عَلَىَّ بِـ"أَوْ أَدْنَى" إِشَارَةُ نِسْبَةِ

752
وَمِنْ نُورِهِ مِشْكَاةُ ذاتِىَ أَشْرَقَتْ


عَلَىَّ فَنَارَتْ بِى عشَاى كَضَحْوَتِى

753
فَأُشْهِدْتُنِى كَوْنِى هُنَاكَ فَكُنْتُهُ


وَشَاهَدْتُهُ إِيَّاىَ والنُّورُ بَهْجَتِى

754
فَبِى قُدِّسَ الوَادِى وَفِيهِ خَلَعْتُ خَلْـ


ـعَ نَعْلِى عَلَى النَّادِى وَجُدْتُ بِخِلْعَتِى

755
وَآنَسْتُ أَنْوَارِى فَكُنْتُ لَهَا هُدًى


وَنَاهِيكَ مِنْ نَفْسٍ عَلَيْهَا مُضِيئَةِ

756
وَأَسَّسْتُ أَطْوَارِى فَنَاجَيْتُنِى بِهَا


وَقَضَّيْتُ أَوْطَارِى وَذَاتِى كَلِيمَتِى

757
فَبَدْرِىَ لَمْ يَأْفُلْ وَشَمْسِى لَمْ تَغِبْ


وَبِى تَهْتَدِى كُلُّ الدَّرَارِى المُنِيرَةِ

758
وَأَنْجُمُ أَفْلاَكِى جَرَتْ عَنْ تَصَرُّفِى


بِمِلْكِى وَأَمْلاَكِى لِمُلْكِىَ خَرَّتِ

759
وَفِى عَالَمِ التَّذْكَارِ لِلنَّفْسِ عِلْمُهَا الـ


ـمُقَدَّمُ تَسْتَهْدِيهِ مِنِّىَ فِتْيَتِى

760
فَحَىَّ عَلَى جَمْعِى القَدِيمِ الَّذِى بِهِ


وَجَدْتُ كُهُولَ الحَىِّ أَطْفَالَ صِبْيَتِى

761
وَمِنْ فَضْلِ مَا أَسْأَرْتُ شُرْبُ مُعَاصِرِى


وَمَنْ كَانَ قَبْلِى فَالفَضَائِلُ فَضْلَتِى






شَرِبنَا
المَعْرُوفَة بِـ"الخَمْرِيَّة" [3]
1
شَرِبنَا عَلَى ذِكْرِ الحبِيبِ مُدَامَةً


سَكِرْنَا بِهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُخْلَقَ الكَرْمُ

2
لَهَا البَدْرُ كَأْسٌ وَهْيَ شَمْسٌ يُدِيرُهَا


هِلاَلٌ وَكَمْ يَبْدُو إِذَا مُزِجَتْ نَجْمُ

3
وَلَوْلاَ شَذَاهَا مَا اهْتَدَيْتُ لِحَانِهَا


ولَوْلا سَنَاهَا مَا تَصَوَّرَهَا الوَهْمُ

4
وَلَمْ يُبْقِ مِنْهَا الدَّهْرُ غَيرَ حُشاشَةٍ


كَأنَّ خَفَاهَا فِي صُدُورِ النُّهَى كَتْمُ

5
فَإِنْ ذُكِرَتْ فِي الحَيِّ أصْبَحَ أهْلُهُ


نَشَاوَى وَلاَ عَارٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ إِثْمُ

6
وَمِنْ بَيْنِ أَحْشَاءِ الدِّنَانِ تَصَاعَدَتْ


وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا فِي الحَقِيقَةِ إِلاَّ اسْمُ

7
وَإِنْ خَطَرَتْ يَوْماً عَلَى خاطِرِ امْرِىءٍ


أَقَامَتْ بِهِ الأَفْرَاحُ وَارْتَحَلَ الهَمُّ

8
وَلَوْ نَظَرَ النُّدْمَانُ خَتْمَ إِنَائِهَا


لَأَسْكَرَهُمْ مِنْ دُونِهَا ذَلِكَ الخَتْمُ

9
وَلَوْ نَضَحُوا مِنْهَا ثَرَى قَبْرِ مَيِّتٍ


لَعَادَتْ إِلَيْهِ الرُّوحُ وَانْتَعَشَ الجِسْمُ

10
وَلَوْ طَرَحُوا فِي فَيِّ حَائِطِ كَرْمِهَا


عَلِيلاً وَقَدْ أَشْفَى لفَارَقَهُ السُّقْمُ

11
وَلَوْ قَرَّبُوا مِنْ حَانِهَا مُقْعَداً مَشَى


وَيَنْطِقُ مِنْ ذِكْرَى }مَذَاقَتِهَا{ البُكْمُ

12
وَلَوْ عَبَقَتْ فِي الشَّرْقِ أَنْفَاسُ طِيبِهَا


وفِي الغَرْبِ مَزْكُومٌ لَعَادَ لَهُ الشَّمُّ

13
وَلَوْ خُضِبَتْ مِنْ كَأسِهَا كَفُّ لامِسٍ


لَمَا ضَلَّ فِي لَيْلٍ وَفِي يَدِهِ النَّجْمُ

14
وَلَوْ جُلِيَتْ سِرًّا عَلَى أَكْمَهٍ غَدَا


بَصِيرًا وَمِنْ رَاوُوقِهَا تَسْمَعُ الصُّمُّ

15
وَلَوْ أَنَّ رَكْباً يَمَّمُوا تُرْبَ أرْضِهَا


وَفِي الرَّكْبِ مَلْسُوعٌ لَمَا ضَرَّهُ السُّمُّ

16
وَلَوْ رَسَمَ الرَّاقِي حُرُوفَ اسْمِهَا عَلَى


جَبِينِ مُصَابٍ جُنَّ أبْرَأهُ الرَّسْمُ

17
وَفَوْقَ لِوَاءِ الجَيْشِ لَوْ رُقِمَ اسْمُهَا


لَأَسْكَرَ مَنْ تَحْتَ اللِّوَا ذَلِكَ الرَّقْمُ

18
تُهَذِّبُ أخْلاَقَ النَّدَامَى فَيَهْتَدِي


بِهَا لِطَرِيقِ العَزْمِ مَنْ لاَ لَهُ عَزْمُ

19
وَيَكْرُمُ مَنْ لاَ تَعْرِفُ الجُودَ كَفُّهُ


وَيَحْلُمُ عِنْدَ الغَيْظِ مَنْ لاَ لَهُ حِلْمُ

20
وَلَوْ نَالَ فَدْمُ القَوْمِ لَثْمَ فِدَامِهَا


لَأَكْسَبَهُ مَعْنَى شَمَائِلهَا اللَّثْمُ

21
يَقُولُونَ لِي صِفْهَا فَأَنْتَ بِوَصْفِهَا


خَبِيرٌ أَجَلْ عِندِي بِأَوْصَافِهَا عِلْمُ

22
صَفَاءٌ وَلاَ مَاءٌ وَلُطْفٌ وَلاَ هَواً


وَنَورٌ وَلاَ نَارٌ وَرُوحٌ وَلاَ جِسْمٌ

23
(تَقَدَّمَ كُلَّ الكائِنَاتِ وُجُودُهَا


قَدِيمًا وَلاَ شَكْلٌ هُنَاكَ وَلاَ رَسْمُ)

24
(وَقَامَتْ بِهَا الأَشْيَاءُ ثَمَّ لِحِكْمَةٍ


بِهَا احْتَجَبَتْ عَنْ كُلِّ مَنْ لاَ لَهُ فَهْمُ)

25
(بِهَا اتَّصَلَتْ رُوحِي بِحَيثُ تَمَازَجا ا(م)


تِّحَادًا وَلاَ جِرْمٌ تَخَلَّلَهُ جِرْمُ)

26
(فَنَفْسٌ وَلاَ خَمْرٌ وآدَمُ لِي أَبٌ


وَخَمْرٌ وَلاَ نَفْسٌ وَلِي كَرْمُهَا أُمُّ)

27
(وَلُطْفُ الأَوَانِي فِي الحَقِيقَةِ تَابِعٌ


لِلُطْفِ المَعَانِي وَالمََعَانِي بِهَا تَسْمُو)

28
(وَقَدْ وَقَعَ التَّفْرِيقُ فَالكُلُّ وَاحِدٌ


فَأَرْوَاحُنَا خَمْرٌ وَأَشْبَاحُنَا كَرْمُ)

29
(فَلاَ قَبْلَهَا قَبْلٌ وَلاَ بَعْدَ بَعْدَهَا


وَقَبْلِيَّةُ الأبْعَادِ فَهْيَ لَهَا خَتْمُ)

30
(وَحَصْرُ المَدَى مِنْ قَبْلِهِ كَانَ عَصْرَهَا


وَعَهْدُ أَبِينَا بَعْدَهَا وَلَها اليُتْمُ)

31
مَحَاسِنُ }تَهْدِي{ المَادِحِينَ لِوَصْفِهَا


فَيَحْسُنُ فِيهَا مِنْهُمُ النَّثْرُ والنَّظْمُ

32
وَيَطْرَبُ مَنْ لَمْ يَدْرِهَا عِنْدَ ذِكْرِهَا


كَمُشْتَاقِ نُعْمٍ كُلَّمَا ذُكِرَتْ نُعْمُ

33
وَقَالُوا شَرِبْتَ الإِثْمَ كَلاَّ وَإنَّمَا


شَرِبْتُ الَّتِي فِي تَرْكِهَا عِنْدِيَ الإِثْمُ

34
هَنِيئاً لِأَهْلِ الدَّيْرِ كَمْ سَكِرُوا بِهَا


وَمَا شَرِبُوا مِنْهَا وَلكِنَّهُمْ هَمُّوا

35
وَعِنْدِيَ مِنْهَا نَشْوَةٌ قَبْلَ نَشْأتِي


مَعِي أبَدًا تَبْقَى وَإِنْ بَلِيَ العَظْمُ

36
عَليْكَ بِهَا صِرْفاً وَإِنْ شِئْتَ مَزْجَهَا


فَعَدْلُكَ عَنْ ظَلْمِ الحَبِيبِ هُوَ الظُّلْمُ

37
وَدُونَكَهَا فِي الحَانِ وَاستَجْلِهَا بِهِ


عَلَى نَغَمِ الأَلْحَانِ }فَهْيَ{ بِهَا غُنْمُ

38
فَمَا سَكَنَتْ وَالهَمُّ يَوْمًا بِمَوْضِعٍ


كَذَلِكَ لَمْ يَسْكُنْ مَعَ النَّغَمِ الغَمُّ

39
وَفِي سَكْرَةٍ مِنْهَا وَلَوْ عُمْرُ سَاعَةٍ


تَرَى الدَّهْرَ عَبْدًا طَائِعًا وَلَكَ الحُكْمُ

40
فَلا عَيْشَ فِي الدُّنْيَا لِمَنْ عَاشَ صَاحِيًا


وَمَنْ لَمْ يَمُتْ سُكْراً بِهَا فَاتَهُ الحَزْمُ

41
عَلَى نَفْسِهِ فليَبْكِ مَنْ ضَاعَ عُمْرُهُ


وَلَيْسَ لَهُ فِيْهَا نَصِيبٌ وَلاَ سَهْمُ






 تِـــهْ دَلاَلاً [4]
1
تِهْ دَلاَلاً فَأَنْتَ أَهْلٌ لِذَاكَا


وَتَحَكَّمْ فَالحُسْنُ قَدْ أَعْطَاكَا

2
وَلَكَ الأَمْرُ فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ


فَعَلَيَّ الجَمَالُ قَدْ وَلاَّكَا

3
وَتَلاَفِي إِنْ كَانَ فِيهِ ائْتِلاَفِي


بِكَ عَجِّلْ بِهِ جُعِلْتُ فِدَاكَا

4
وَبِمَا شِئْتَ فِي هَوَاكَ اخْتَبِرْنِِي


فَاخْتِيَارِي مَا كَانَ فيِهِ رِضَاكَا

5
فَعَلَى كُلِّ حَالَةٍ أَنْتَ مِنِّي


بِيَ أَوْلَى إِذْ لَمْ أَكُنْ لَوْلاَكَا

6
وَكَفَانِي عِزًّا بِحُبِّكَ ذُلِّي


وَخُضُوعِي وَلَسْتُ مِنْ أَكْفَاكَا

7
وَإِذَا مَا إِلَيْكَ بِالوَصْلِ عَزَّت


نِسْبَتِي عِزَّةً وَصَحَّ وَلاَكَا

8
فَاتِّهَامِي فِى الُحبِّ حَسْبِي وَأَنِّي


بَيْنَ قَوْمِي أُعَدُّ مِنْ قَتْلاَكَا

9
لَكَ فِي الحَيِّ هَالِكٌ بِكَ حَيٌّ


فِي سَبِيلِ الهَوَى اسْتَلَذَّ الهَلاَكَا

10
عَبْدُ رِقٍّ مَا رَقَّ يَوْمًا لِعَتْقٍ


لَوْ تَخَلَّيْتَ عَنْهُ مَا خَلاَّكَا

11
بِجَمَالٍ حَجَبْتَهُ بِجَلاَلٍ


هَامَ وَاستَعْذَبَ العَذَابَ هُنَاكَا

12
وَإِذَا مَا أَمْنُ الرَّجَا مِنْهُ أَدْنَا


كَ فَعَنْهُ خَوْفُ الحِجَى أَقْصَاكَا

13
فَبِإِقْدَامِ رَغْبَةٍ حِينَ يَغْشَا


كَ بِإحْجَامِ رَهبْةٍ يَخْشَاكَا

14
ذَابَ قَلْبِي فَأْذَنْ لَهُ يَتَمَنَّا


كَ وَفيِهِ بَقِيَّةٌ لِرَجَاكَا

15
أَوْ مُرِ الغُمْضَ أَنْ يَمُرَّ بِجَفْنِي


وَكَأَنِّي بِهِ مُطِيعًا عَصَاكَا

16
فَعَسَى فِي الَمَنامِ تَعْرِضُ لِلوَهـْ


ـمِ فَيُوحِي سِرًّا إِليَّ سُرَاكَا

17
وَإِذَا لَمْ تُنْعِشْ بِرُوحِ التَّمَنِّي


رَمَقِي وَاقْتَضَى فَنَائِي بَقَاكَا

18
(وَحَمَتْ }سُنَّةُ{ الهوَىَ سِنَةَ الغُمْـ


ضِ جُفُونِي وَحَرَّمَتْ لُقْياكَا)

19
أَبْقِ لِي مُقْلَةً لَعَلِّيَ يَوْمًا


قَبْلَ مَوْتِي أَرَى بِهَا مَنْ رَآكَا

20
أَيْنَ مِنِّي مَا رُمْتُ هَيْهَاتَ بَلْ أَيْـ


ـنَ لِعَيْنِي بِاللَّحْظ لَثْمُ ثَرَاكَا

21
فَبَشِيرِي لَوْ جَاَء مَنْكَ بِعَطْفٍ


وَوُجُودِي فِي قَبْضَتِي قُلْتُ هَاكَا

22
قَدْ جَرَى مَا كَفَى دَمًا مِنْ جُفُونٍ


لِيَ قَرْحَي فَهَلْ جَرَى مَا كَفَاكَا

23
(فَأَجِرْ مِنْ قِلاَكَ فِيكَ مُعَنًّى


قَبْلَ أَنْ يَعْرِفَ الهَوَى يَهْوَاكَا)

24
هَبْكَ أَنَّ اللاَّحِي نَهَاهُ بِجَهْلٍ


عَنْكَ قُلْ لِي عَنْ وَصْلِهِ مَنْ نَهَاكَا

25
وَإِلَى عِشْقِكَ الجَمَالُ دَعَاهُ


فإِلَى هَجْرِهِ تُرَى مَنْ دَعَاكَا

26
أَتُرَى مَنْ أَفْتَاكَ بِالصَّدِّ عَنِّي


وَلِغَيْرِي بِالوُدِّ مَنْ أَفْتَاكَا

27
بِانْكِسَارِي بِذِلَّتِي بِخُضُوعِي


بِافْتِقَارِي بِفَاقَتِي بِغِنَاكَا

28
لاَ تَكِلْنِي إِلَى قُوَى جَلَدٍ خَا


نَ فَإنِّي أَصْبَحْتُ مِنْ ضُعَفَاكَا

29
كُنْتَ تَجْفُو وَكَانَ لِي بَعْضُ صَبْرٍ


أَحْسَنَ اللهُ فِي اصْطِبَارِي عَزَاكَا

30
كَمْ صُدُودٍ عَسَاكَ تَرْحَمُ شَكْوَا


يَ وَلَوْ بِاسْتِمَاعِ قَوْلِي عَسَاكَا

31
شَنَّعَ المُرْجِفُونَ عَنْكَ بِهَجْرِي


وَأَشَاعُوا أَنِّي سَلَوْتُ لِذَاكَا

32
مَا بِأَحْشَائِهِمْ عَشِقْتُ فَأَسْلُو


عَنْكَ يَوْمًا دَعْ يَهجُرُوا حَاشَاكَا

33
(كَيْفَ أَسْلُو وَمُقْلَتِي كُلَّمَا لاَ


حَ بُرَيْقٌ تَلَفَّتَتْ لِلِقَاكَا

34
(إِنْ تَبَسَّمْتَ تَحْتَ ضَوْءِ لِثَامٍ


أَوْ }تَنَسّمْتُ{ }الرِّيحَ{ مِنْ أَنْبَاكَا)

35
(}طِبْتُ{ نَفْسًا إِذْ لاَحَ صُبْحُ }ثَنَايَا


كَ{ لِعَيْنِي وَفَاحَ طِيبُ شَذَاكَا)

36
كُلُّ مَنْ فِي حِمَاكَ يَهْوَاكَ لَكِنْ


أَنَا وَحْدِي بِكُلِّ مَنْ فِي حِمَاكَا

37
(فِيكَ مَعْنىً حَلاَّكَ فِي عَيْنِ عَقْلِي


وَبِهِ نَاظِرِي مُعَنَّى حِلاَكَا)

38
فُقْتَ أَهْلَ الَجَمالِ حُسْنًا وَحُسْنَى


فَبِهِمْ فَاقَةٌ إِلَى مَعْنَاكَا

39
يُحْشَرُ العَاشِقُونَ تَحْتَ لِوائِي


وَجَمِيعُ المِلاَحِ تَحْتَ لِوَاكَا

40
(مَا ثَنَانِي عَنْكَ الضَّنَى فَبِمَاذَا


يَا مَلِيحُ الدَّلالُ عَنِّي ثَنَاكَا)

41
لَكَ قُرْبٌ مِنِّي بِبُعْدِكَ عَنِّي


وَحُنُوٌّ وَجَدْتُهُ فِي جَفَاكَا

42
عَلَّمَ الشَّوقُ مُقْلَتِي سَهَرَ اللَّيْـ


لِ فَصَارَتْ فِي غَيْرِ نَوْمٍ تَرَاكَا

43
حَبَّذَا لَيْلَةٌ بِهَا صِدْتُ إسْرَا


كَ وَكَانَ السُّهَادُ لِي أَشْرَاكَا

44
بَاتَ بَدْرُ التَّمَامِ طَيْفَ مُحَيَّا


كَ لِطَرْفِي بِيَقْظَتِي إِذْ حَكَاكَا

45
فَتَرَاءَيْتَ في سِوَاكَ لِعَيْنٍ


بِكَ قَرَّتْ وَمَا رَأَيْتُ سِوَاكَا

46
وَكَذَاكَ الخَليِلُ قَلَّبَ قَبْلِي


طَرْفَهُ حِينَ رَاقَبَ الأَفْلاَكَا

47
فَالدَّيَاجِي لَنَا بِكَ الآنَ غُرٌّ


حَيْثُ أهْدَيْتَ لِي هُدىً مِنْ سَنَاكَا

48
وَمَتَى غِبْتَ ظَاهِرًا عَنْ عِيَانِي


أُلْفِهِ نَحْوَ بَاطِنِي أَلْقَاكَا

49
أَهْلُ بَدْرٍ رَكْبٌ سَرَيْتَ بِلَيْلٍ


فِيهِ بَلْ سَارَ فِي }نَهَارِ{ ضِيَاكَا

50
وَاقْتِبَاسُ الأَنْوَارِ مِنْ ظاهِرِي غَيْـ


ـرُ عَجِيبٍ وَبَاطِنِي مَأْوَاكَا

51
يَعْبَقُ المِسْكُ حَيْثُمَا ذُكِرَ اسْمِي


مُنْذُ نادَيْتَنِي وَقَبَّلَ فَاكَا

52
(وَيَضُوعُ العَبِيرُ في كُلِّ نَادٍ


وَهْوَ ذِكْرٌ مُعَبِّرٌ عَنْ شَذَاكَا)

53
قَال لِي حُسْنُ كُلِّ شَيءٍ تَجَلَّى


بِي تَمَلَّى فَقُلْتُ قَصْدِي وَرَاكَا

54
لِي حَبِيبٌ أَرَاكَ فِيهِ مُعَنًّى


غُرَّ غَيْرِي وَفِيهِ مَعْنًى أرَاكَا

55
إنْ تَولَّى عَلَى النُّفُوسِ تَوَلَّى


أَوْ تَجلَّى يَسْتَعْبِدُ النُّسَّاكَا

56
فِيهِ عُوِّضْتُ عَنْ هُدَايَ ضَلاَلاً


وَرَشَادِي غَيًّا وَسِتْرِي انْهِتَاكَا

57
وَحَّدَ القَلْبُ حُبَّهُ فَالْتِفَاتِي


لَكَ شِرْكٌ وَلاَ أَرَى الإِشْرَاكَا

58
(يَا أَخَا العّذْلِ فِيمَنِ الحُسْنُ مِثْلِي


هَامَ وَجْداً بِهِ عَدِمْتُ إِخَاكَا)

59
لَوْ رَأَيْتَ الَّذِي سَبَانِيَ مِنْهُ


مِنْ جَمَالٍ وَلَنْ تَرَاهُ سَبَاكَا

60
وَمَتَى لاَحَ لِي اغْتَفَرْتُ سُهَادِي


وَلِعَيْنَيَّ قُلْتُ هَذَا بِذَاكَا

أَنْتُمْ فُرُوضِي [5]
1
أَنْتُمْ فُرُوضِي ونَفْلِي


أَنْتُمْ حَدِيثِي وَشُغْلِي

2
يَا قِبْلَتِي فِي صَلاَتِي


إذَا وَقَفْتُ أُصلِّي

3
جَمَالُكُمْ نُصْبَ عَيْنِي


إلَيْهِ وَجَّهْتُ كُلِّي

4
وسِرُّكُمْ فِي ضَميرِي


وَالقَلْبُ طُورُ التَّجَلِّي

5
آنَسْتُ فِي الحَيِّ نَارًا


لَيْلاً فَبَشَّرْتُ أَهْلِي

6
قُلْتُ امْكُثُوا فَلَعَلِّي


أَجِدْ هُدَايَ لَعَلِّي

7
دَنَوْتُ مِنْهَا فَكَانَتْ


نَارَ المُكَلَّمِ قَبْلِي

8
نُودِيتُ مِنْهَا كِفَاحًا


رُدُّوا لَيَالِيَ وَصْلِي

9
حَتَّى إذَا مَا تَدَانَى الـ


مِيقَاتُ فِي جَمْعِ شَمْلِي

10
صَارَتْ جِـبَاليَ دَكًّا


مِنْ هَيْبَةِ المُتَجَلِّي

11
وَلاَحَ سِرٌّ خَفِيٌّ


يَدْرِيهِ مَنْ كَانَ مِثْلِي

12
وَصِرْتُ مُوسَى زَمَانِي


إِذْ صَارَ بَعْضِيَ كُلِّي

13
فَالمَوْتُ فِيهِ حَيَاتِي


وَفِي حَيَاتِيَ قَتْلِي

14
أَنَا الفَقِيرُ المُعَنَّى


رِقُّوا لِحَالِي وَذُلِّي







[1] ديوان ابن الفارض، ص 66 - 83.   

[2] ديوان ابن الفارض، ص 137- 143.  
[3] ديوان ابن الفارض، ص 158- 161.  

[4] ديوان ابن الفارض، ص 168 - 172.
[5] ديوان ابن الفارض، ص 230. 

التسميات:

0 تعليقات:

إرسال تعليق

شاركنا برأيك

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية