طالبات فلسطينيات يقمن مكتبة من مخلفات تم إعادة تدويرها
كتب. طارق صبحى حجاج -غزة
ما إن تسمع كلمة “مكتبة”، حتى يخطر ببالك ذلك الصرح الشامخ الذي يجمع كافة الكتب بأنواعها العلمية والاجتماعية والأدبية، وما يوفره المكان من سبل مختلفة للراحة، ومع ذلك تجد أن تردد الناس عليها ضعيف جدًّا، وفي المقابل تجد هناك الجيل “اليافع” الذي يسعى دائمًا إلى أن يزرع بذرة صغيرة يكون نتاجها مفيدًا للمجتمع، فكانت مكتبة ” وهج وفكر” هي الأولى من نوعها في قطاع غزّة، الّتي تمّ إنشاؤها بمبادرة من مؤسّسة “النيزك للتدريب والتطوير”، داخل مدرسة “سكينة بنت الحسين الثانوية للبنات” بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة تختلف عن بقيّة المكتبات، إذ إنّها تتكوّن من تدوير الأشياء المهملة؛ للحدّ من تراكمها في المجتمع والحفاظ على البيئة والاستفادة منها، إضافة إلى الكتب القيّمة المتراكمة في المكتبات والمنازل، نتيجة العزوف عن القراءة وعدم الاهتمام بها، لإحيائها من جديد.
تقول المشرفة على فكرة المكتبة فداء الشريف إن ما دفعهم لتنفيذ الفكرة داخل المدرسة هو عدم وجود مكتبة في المدرسة، خاصة أن هناك طالبات يحببن القراءة، فراودتهن فكرة إنشاء مكتبة لمدرستهن تكون غنية بالكتب المفيدة؛ ولتزيد من الوعي الثقافي لديهن. وتابعت الشريف قائلة: “تم عرض فكرة إنشاء المكتبة على مؤسسة النيزك، فتمت الاستجابة للفكرة، وتطبيقها على أرض الواقع، فقمت بتدريب الطالبات وثقل مهاراتهن في التفكير الناقد والإبداعي والاتصال والتواصل والعمل الجماعي فيما بينهن، فالدور الأساسي يعود للطالبات في إخراج المكتبة بالشكل المطلوب”.
وأشارت إلى أنّها أرادت أن تجعل المكتبة أكثر تميّزًا، بعدم استخدامها الأثاث المستخدم في بقيّة المكتبات، فعملت هي وفريقها على إعادة تدوير الألواح الخشبيّة التالفة، وتصميمها بشكل جذّاب بدلًا من الطاولات، وجمع إطارات السيّارات القديمة وتدويرها بشكل جميل ومريح لجلوس الطالبات والزائرين عليها؛ للاسترخاء وعدم الشعور بالملل أثناء القراءة. ولفتت إلى أنّ ضمن المبادرة، التي قامت بها، جمع مئات الكتب التاريخيّة والأدبيّة والثقافيّة والعلمية الموضوعة داخل المكتبات، التي لا يزورها أحد ومن المنازل، ووضعها في المكتبة.
وأضافت الشريف: “تتكون مقتنيات المكتبة من مجموعة من المخلفات البيئية، مثل: البلاستيك، الخشب، العجلات، القماش، والتي تم تحويلها إلى أثاث رائع، فقامت الطالبات بطلاء إطارات السيارات بلون زاهٍ وتحويلها إلى مقاعد بعد تعديلات بسيطة عليها، فالطالبات بالإمكانيات البسيطة صنعن الجمال”.
ونوهت الشريف بأن هناك أيضًا الصناديق الخشبية، فمنها ما تم طلاؤه بألوان متعددة وتثبيته على جدار رسم عليه شجرة متفرعة كبيرة، والعلب البلاستيكية الكبيرة تم طلاؤها وجعلها كرفوف معلقة على جدران المكتبة بطريقة جميلة، مشيرة إلى أن المكتبة مناسبة لكل المستويات؛ لاحتوائها على الكتب الثقافية الدينية والتاريخية والعلمية.
داخل المكتبة تجلس الطالبة منار هاني (17 عامًا) برفقة صديقاتها اللاتي يطالعن الكتب لتقول لـ”البديل”: “كنا نعاني داخل المدرسة من عدم توفر مكتبة، فقمنا بعرض فكرة عمل مكتبة بطريقة إبداعية من خلال إعادة التدوير على مؤسسة النيزك التي أبدت قبولها لدعمها، فمنذ إنشائها أصبح إقبال الطالبات عليها بشكل متزايد، لقراءة ما تحتويه من كتب والاستمتاع بمنظرها خاصة بتصميمها وألوانها ومحتوياتها المميزة. وتابعت: إنّ أكثر ما يميّز المكتبة محتوياتها الغريبة المكوّنة من إعادة التدوير، وألوان الجدران الجميلة، التي تريح النفس، إضافة إلى الأنشطة التشجيعيّة والمسابقات الثقافية والأدبية والترفيهية التي تقام بشكل دوريّ لتشجيع الطالبات على القراءة وعدم انقطاعهنّ عن زيارة المكتبة الدائمة داخل مدرسة سكينة بنت الحسين.
أمّا الطالبة سارة منذر (17 عامًا) والتي تدرس بالمدرسة ذاتها فتقول: لم أكن أزور المكتبات لقراءة الكتب لعدم وجود عوامل تشجيعيّة، لكنّي الآن من أكثر زوّار المكتبة الجديدة وهج وفكر؛ كونها تحتوي على مكوّنات جميلة مثل الأرفف والمقاعد والطاولات، فضلاً عن توافر الكتب القيّمة والقصص الجذّابة، إضافة إلى محتوياتها الغريبة واللاّفتة، التي لا تجعلنا نملّ أثناء تواجدنا فيها. وأضافت: من الأمور الجميلة في المكتبة السماح لنا باستعارة الكتب المتنوّعة وقراءتها في المنزل. وبعد الانتهاء من القراءة، نكتب ملاحظاتنا على ورقة صغيرة، ونضعها على لوحة في المكتبة، حتّى يستفيد منها الآخرون.
مصدر الخبر البديل
التسميات: المكتبة, من أرشيف الصحافة
0 تعليقات:
إرسال تعليق
شاركنا برأيك
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية