06‏/09‏/2017

" قلم نونو " الرؤية . . الذات . . وحضورُ السّرد الشّعريّ !

" قلم نونو "  لــ فَتْحِي حَمْدَ اللّه . .
الرؤية . . الذات . . وحضورُ السّرد الشّعريّ 
                                                قراءة :  عبدالنّبي عبّادي  
مدخل :
لعلّ القاريء لإبداع الشّاعر فتحي حمد الله ، في مجموعتين شعريتين هُما " قلم نونو" و " سلم لفوق " ، يخال شاعرنا بسيطا تلقائيا ، يقصد ما يقول ، ويقول ما يقصد . . وأنا مع هذا القاريء – إن وجد – في هذا الحس الأوّلي والانطباع المبدئي ، لكنّ قراءةً ثانية صابرة ومُتأنية لمجموعته الشعريّة " قلم نونو " والتي هي بين يدي هذا المقال الآن ، يكتشف في شعريّة فتحي حمد الله شاعرية خاصة وخصوصيّة شاعرة  وسمات جديرة بالتوقّف والدّرس وهو ما حاولت هذه القراءة السريعة الوقوف على بعض جوانبها وتجليتها . 
أولا : الرؤية عند فتحي حمد الله : 
لقد تكوّنت المجموعة الشعرية التي بين يدينا من ثلاثة وعشرين نصا بين الومضة والنصّ متوسّط الطّول منها عشرة نصوص بعناوين من كلمات مُفردة ( سؤال – بورتريه – صداقة – شرير – الشّعر – بخ – سرفيس – الحلم – هزيمة – المنصّة ) والنّصوص الباقية – أكثر من النّصف قليلا – تتكوّن من أكثر من كلمة ، ولعلّ استخدام العنوان بكلمة واحد ة – عندي – يشي كثيرا بوضوح رؤية الشّاعر حيال ما يكتب واتكاءه على تصوّر شامل ومنسجم لما يكتب عنه ، وقد تشي أيضا بقليل من المراوغة إن كانت العناوين عكس ما قد يُفهم من النّص وهذا لم يتوفّر في هذه المجموعة التي جاءت عناوينها معبّرة بشكل مُقسط عن مضامينها ، بداية من عنوان المجموعة ( قلم نونو )  وكل ما يستحضره هذا العنوان لدى القاريء من التّلقائيّة والتّجريب والمغامرة في آن واحد ، فهو يجرب كل شيء دون تردد ، ويصرّح بكل شيء دون مواربة – ودون سذاجة وصراخ أيضا ! – وكان من الطبيعي أن يحتضن هذا " القلم النونو" كل من( الأم والأب والإخوة وكوم الضّبع )على التّرتيب وهو ما جاء بتلقائية مسبوكة في الإهداء،يقول : 
إهداء
إلى روح أمي
إلى أبي
وإخوتي
وأهل قريتي " كوم الضّبع "
وقد لفت نظري بساطة هذا الإهداء ظاهريا ، وانسجامه الخطير مع عتبة النّص الـأولى وهي العنوان ، فالشاعر استحضر معنا لقلمه النونو كل من قد يتكفّلون برعايته والحنو عليه ، وبالتالي يدلف الشاعر إلى روح وعقل القاريء من باب خفيّ ظاهره البساطة ، باطنه الشّعر ، حيثُ لا مُكابرة ولا نظرة فوقية ولا " فذلكة " صاخبة ، فهو يضع نفسه وشعره بين يديك على أنّك أنت راعيه ومعلّمه ، وبالتالي ، فعليك حق سماعه ومتابعته حتّى آخر كلمة . 
 يُخيّل لك هذا العنوان بساطة ما قد يتبعه ، لكنّ ما قد يخفى عليك ، هو أن مثل هذا العنوان ، يُقدم مُبررا صارخا لكل ما قد يكون من شطط مُحتمل أو تجريب أو مُغامرة ،وهذا ذكاءٌ من شاعرنا،الذي جعل العُهدة على العنوان !
ثم تُطالع قصيدة بعنوان " بخ ! " بما تستحضره من مخاوف الطفولة ، انّها مخاوف البكارة من الاحتكاك ومخاوف النّاس من الحقائق ، في مواجهة شجاعة الشّاعر في مواجهتها : 
لمّا اشوف الصن 
يقّف شعر راسي 
أصرخ 
اجرى في البراح 
لما يجيني ف خيالي 
يرمهالي فوق دماغي 
ضحكة صفرة مربكة 
ما ارتبكش 
وانسى خوفي 
واندفن جوه الصباح .
ورأيتُ الشاعر في هذه المجموعة يُحاول ردّ كل الأحلام والأماني إلى صورتها البكر ، فهو يُعيدُها سيرتها الأولى طمعا في بدايات مُختلفة ( لما كُنّا صغيرين / كانت الحواديت وطن / ملهوش حدود )  تودي إلى نهايات غير التي آلت إليها ( في الشّجر النّاشف والجميز ) ، فهو بصدد دور الشاعر الأبدي وهو فك وإعادة تركيب مفردات الحياة ، أو بالأحرى صوغ الحياة وفق قواعد مُغايرة ومُعادلات غير المعهودة ، وهو يبتغي بين ذلك سبيلا ،  يقول : 
الشّخبطة فوق الورق
أفضل من الوجع المُحايد 
وهذا جانب رؤيوي يفضح رؤية الشاعر لدور الكتابة والكاتب ، فهي عنده ليست مُجرد " تنفيس " وتعبير عن أوجاع الروح ومعاناة النّفس ، بل الكتابة في حد ذاتها ( موقفٌ ) فهي ( أفضل من الوجع المُحايد ) ! وبالتالي هي خيار أصحاب المواقف الحقيقيّة ، فالشّعر لدي فتحي حمد الله ، نضالٌ ، يبقى ويستمر ، ولا يفنى بفناء صاحبه ،  يقول  :
(على ناصية شارع / أيّامي السّودا/ بساطور من صمت / على قرمة مواويلي / بيقطع مني ويرمي /لساعات الليل السعرانة / تنتعش الأحقاد جوايا / وتغرز ضوافرها ف لحم قصايدي / انزفني / على أسفلت الإحباط / المدكوك بالجزم الميري / وعجلات العربيات الملاكي / وأقدام الكناسين / أفضل سايل / وما اجفّش )
من الجلي أن ألفاظا مثل ( ساطور – قرمة – بيقطع – السعرانة – الأحقاد – انزفني – الإحباط  ) توحي بشكل واضح بالصراع المحتدم بين الشّاعر والعالم من ناحية والشاعر والذات من ناحية ثانية والشاعر والشّعر من ناحية ثالثة في دوائر متداخلة ، تفضي إلى حقيقة أن الشاعر ضد كل شيء ، حتّى نفسه التي بين جنبيه ، ولا يكون ذلك إلا لباحث عن الحقيقة ! 
وقد عُنونت هذه القصيدة السابقة باسم ( الشّعر ) وتكوّنت على قصرها من 7 – 8 صور  ( جزئية ) ، مُتضمنة كلّها في صورة ( كليّة ) واحدة ، وهو ما خدمته لغة الشّاعر المكثّفة . وبدا الشاعر ساخرا سخرية مرّة هنا من دوره أو من فهم الآخرين لدوره ، فيقول ( تنتعش الأحقاد جوايا ) ، وأحقادُ الشّاعر – كما أفهمها – وكما قصدها شاعرنا في تصوّري ، ليست الكره والضغينة وغيرها من التّكالب على حطام الدّنيا الفانية ، التي يتنازع النّاس من حولها ، فتذهب ريحهم ويفشلون ، بل إن ( الأحقاد ) هُنا هي تصوّر الآخر لدور الشّاعر في الحياة ، فهو الناقد والفاضح والفاتح لمغاليق الأسرار ، وهو المزلزل لأركان الرتابة والتكرار وهو ملا يتسق أبدا مع ( الجزم الميري ) والتي قصد بها الشاعر كل مظاهر الانضباط المزيّف وتخيّلها زيفا منضبطا يسيرُ في طريق ( فرم الشاعر ) الذي يأبي إلا أن يُكمل لدوره ، لأنّهم ، لن ينالوا منه ، لأن له دما لا يجفّ !
وتبدو رؤية الشاعر لوضع الفرد في العالم الرّاهن جليّة ، فهو – لدى شاعرنا – مفعولٌ به بامتياز وليس فاعلا إلا أن يردّ الأشياء إلى أصولها ، ويتبنى " الحلم الحقيقي  " كآلية وحيدة للنجاة . فمن جانب ، راوغ الشاعر بنا في قصيدته ( كيبورد العمر ) وأشعرنا أنّه هو ( الفاعل ) في كل أحزانه وأتراحه ، وأنّه هو الوحيدُ القادر على ضبط بوصلته وإعادة دفّته إلى وجهتها كلما عصفت عاصفة ، لكنّ استخدام لغة الكمبيوتر بلغتها الإنجليزية وحروفها ودلالاتها الواضحة في الذهن الجماهيري ، جاء ليؤكد من طرف خفي ، انسحاق انسان العصر تحت وطأة مستحدثاته ، وعدم قدرتها – على تطورها – من معالجة جروحه وهدي جوارحه :
باجي على كل مجلد حزن ف عمري 
وأظلل وأدوس على زرّين 
من كيبورد العمر 
Delete , Shift 
وأحس بأني فرحت !
.................
كل ما اظلل وأدوس  Cut 
وآجي في الحتت الفاضية 
من قلبي المليان أحزان 
واضفط على  Paste 
اتفاجأ بالقلب الدايب 
Restart 
إلى آخر النّص ، تبدو هذه الصّورة الخادعة للمتحكم في مصيره هي الواجهة ، لكن المعنى البعيد ، هو أن الشاعر هنا يرى أن المرء لم يعد ابن عصره بل صار عبد عصره ! 
كذلك ، يُفلت فتحي حمد الله كثيرا من أسر القافية والموسيقى الصاخبة أو الغنائية المجانية ، فهو يشتري الفنّ الشّعري بالتخلّي عن كثير من مظاهر الغنائية التي قد تتوقعها في كثير من مقاطع قصائده ، ويغلق مقاطعه بشكل مفاجئ وملفت للنظر ، فهو يتحكّم في نصّه حتّى اللحظة الأخيرة ويمسك على خيطه الشعري بشكل جيّد . وهو مهتم بالصّورة في جزئياتها وفي كلّيتها ، وبدا أن هناك نصوصا  أو مقاطع غير موزونة في المجموعة وهي تدخل ضمن إطار ( نثر العاميّة ) وفي ذلك فضل كلام ، نعود إليه بعد قليل . 
لم تنتشر في المجموعة أساليب (  الاستفهام  ) مثلا ، ودلالة ذلك عندي هو أن شاعرنا ينجو من ( الحيرة ) في كثير من الأحيان ، فمواقفه واضحة ، ومراميه بقصدها تماما ، بينما أكّد ذلك شيوع أساليب ( الأمر)  وهو ما يُبدي رغبة قويّة في الإفصاح والبوح ، في جمل شعريّة مثل : 
اكتبني من غير ألقاب / من غير مفاتيح ولا حتّى ابواب !
ادخلني ، ملس على شعر حبيبتي المبلول 
واقرا لها الفاتحة 
........................... 
وفي نفس هذه القصيدة ( بالخط الكوفي ) ( لمه – اغمس – اعشقني – اكتب فائي – جمع تواريخي ........... إلخ.
وفي قصيدة ( آخر عروسة نيل ) ، تأتي أفعال ( فبلاش تضخ ف عروق الوطن / خليك فطن ...سيّل على شطوطك عطن /مرجح على خدك دموع .../وافتح دراعينك  .. سيبيني ابدد ضلمتك /... ساعديني اشب /....إلخ .
وفي قصيدة ( آخر حدود النغم ) ، تأتي أفعال الأمر ( اضرب حوافر غنوتك ... افرد جناحينك . ارمي على اكتاف الفضا همك ... شم ف غبار سكتك .. ابعت ضيا طلعتك ... إلخ.
وفي نص المقاطع ( حاجات تانية سلم لفوق ) يواصل استخدام أفعال الأمر في مطلع الثمانية مقطاع تقريبا ، يقول ( ... إوعى تفكر ... بربش بعنيك .... كلبش ف الفرصة .... واضغط باطف الناحل ... واتحرر من خوفك .... طير .... دوس ... اتألم ... اتسند ... ارصد .. جمع تواريخك .. اطرح مخازيك ... بروز نجاحاتك .. قسمهم على أيام العمر وعيش .. اطلع صومعتك .... درب شهواتك ... جهز نفسك للجنة ... راوغ احزانك بمهارة ... إفرح )! 
ألست معي أن استخدام كل هذه الأفعال في صيغة الأمر كل هذا العدد وغيره كثير في المجموعة الشعريّة ينبيءُ برغبة جامحة لدى الشّاعر في الإفصاح كما قُلت ، لكن الشاعر أفلت من الوقوع في فخّ المُباشرة الزاعقة أو في تقمص دور من يُعطي النصائح ومن يعظ الآخرين ، رُغم كل هذه الأوامر والنّواهي ، وذلك لأنّه ضفّرها بصور جزئيّة بديعة واستعارات مكنية خدمت كل نص على حدة .
رؤية الشاعر للذّات : 
الذاتُ عن فتحي حمد الله ذاتان ، ذاتُ شاعر محب للحياة ومستقبل لكل منغصّاتها ومكدّراتها على شاشة رحبة واسعة ، منفتح على مجرياتها ، ومتعاطي مع إفرازاتها ، فهي ذاتٌ محرّضةٌ على الحياة :
حطّم جدار الخوف 
واطلع جسد نخلتك 
وسيب غناك ينفلت 
سيب الحبال تنفتل 
أصل الحبال مشنقة 
مرجيحة للأبطال 
ارمي الجسد ف الفضا 
واوصل هناك آخر حدود النغم !
وهو يتناص مع صلاح جاهين في أحد رباعياته ( .... إنّما كتم الغُنا هو اللي هيموّتك ) .
كما يرى أن الفشل في أبلغ معانيه ، ليس الفشل المادي ، بل المحطة الأهم التي تسبق هذا الفشل المادي وتقود المارة إليه ، وهي محطة الفشل في الحصول على الحلم ، يقول : 
تبّاع العربية 
ساعة ما ينام ف سريره 
آخر الليل 
يرمح بخيول أحلامه 
جوه صحاري النوم 
يوصل آخر المشوار 
ويعاود من غير حلم عليه القيمة 
أرأيتم أن ذلك " التبّاع " أو (التابع) الذي يدل النّاس إلى أماكنهم ، ويأخذهم إليها،مقابل ما يلقونه في يديه من ( فكه) يفشل في الوصول إلى ( الحلم ) مهما رمح بخيول الأحلام !
وربّما قدّم الشاعر من خلال قصيدة ( بورتريه ) وصفا لذاتيه ، شاعرا وإنسانا ، يقول : 
( انا وانت اتنين / شايلين أحلام / وكلام مرشوش بحلاوة بكرة الجاية قوام / انا وانت اتنين / منتاش ابليس / ولا حتّى ملاك / الحب ماليك / والخير جواك / عصافير بتطير للخير / ساكناك / وانا وانت اتنين / قابضين ع الجمر / وجوه قلوبنا بينبت زهر / ونيجى ف آخر الليل نتوضّا ونرضى بحبة تمر / ... وف زحمة ليل العوزة ألقاك /تديني النص الناقص مني / أديك االقلب اللي ساكني / تتربع فيه )
وفي تجلٍ مختلف للذات ، يأتي ( المكان ) والوطن باعتباره المرجعيّة الأم والذات لأولى والأولى بالاهتمام ، فهو جزء أًصيل من إدراك الفرد لكيانه ، حيثُ كتب الشاعر عن ( الفصل – الأقصر – بلدنا – الوطن .. ) : 
إيه سر قعادك 
ف الدّرج الأخراني 
رغم شطارتك 
وفراغ الرّوس المسنودة 
على اكتاف الزّملا 
قدامك
وجنون الأستاذ 
بكلامك ف طابور الصّبح ؟؟؟
وهنا امتزجت الذات بالمكان ، فصار المكان جزءا منها وصارت جزءا منه ، ووقف الشاعر أمام ذلك التّماهي متسائلا كما قرأنا . 
ثانيا : حضور السّرد الشّعري : 
لفترات طويلة ومتباينة ، ظن كثيرون ، أن شرطا أصيلا في لُغة الشعر هو اختلافها عن لغة الحياة اليوميّة وهذا انطوى إلى حد كبير على الاتكاء على سمات تاريخيّة ومعجميّة للشّعر ، تخلّص من كثير منها . لكن يظل المعنى الشعري في نقطة ما بعيدة وليست منفصلة عن اللغة وحدها ، بل هي مرتبطة بكل يُدرك في مجموع أجزائه . وبالتالي ، فإن الانجرار وراء لغة سردية في الخطاب الشعري ليس كلّه شرّ . والسّردُ في اللغة هو ( تقدمة شيء إلى شيء ، تأتي به منسقا ، بعضه في إثر بعض ، متتابعا ، ويُقال سرد الحديث ونحوه سردا إذا تابعه ، وفلان يسرد الحديث سردا ... ) وهذا يتطلب ( أشخاصا وأماكن ، وبينهم " حدث / صراع " ). وهناك نصوصا سردية بالأساس ، لكنّها أخذت طابع الشعر من  البنية الإيقاعية التي تميّزت بها مثل السير الشّعبيّة والدّراما الشعريّة .
وقد اعتمد شاعرنا وفقا لرؤيته التي تكلمتُ عنه سلفا المشاهد السرديّة الكاملة والمشاهد السّرديّة شبه الكاملة ، فكثير من نصوص هذه المجموعة يمكن تفكيكها نثريا لما بها من مكونات سردية من ( مكان – زمان – أشخاص – وأحداث )  ولقد حققت مثل هذه المشاهد السّرديّة لدى شاعرنا أمورا كثيرة أهمّها :  
البناء الدّرامي للقصيدة :  حيثُ تجد الحبكة والحدث والشخصيات والزمان والمكان في كثير من قصائد الشاعر وتمر القصيدة بعدّة مراحل ، تصف صراعا ما مشوّقا ، وصولا إلى خاتمة يريدها الشاعر  كما في قصيدة ( الأقصر بالليل ) (بخ) (الشعر) (بحلم أكتب لمنير )( هزيمة) (ف الشّجر الناشف والجميز)(سرفيس).
الخيال الشعري : وهو هُنا نوعٌ مختلف من الخيال ، لا أقصد به التشبيهات والاستعارات والكنايات والمجاز ، ولكنّ خيال ( ديناميكي ) وكل خيال ديناميكي بالضرورة ، لكن ديناميكيّة الخيال في  المشاهد السرديّة شبه الكاملة التي يقدّمها الشاعر من أنّها تجعل ، القاريء لا يكتفي بتفسير ما هو مكتوب أو ما هو مطروح من صور تضمنها ذلك السرد ، بل تجعله يُكمل من واقعه ما يرتبط بتلك المشاهد غير الكاملة ، بسبب دلالات السرد التي يطرحها الشاعر .
مثلا ، عندما يقول : 
( من وانا ف إعدادي ..) في قصيدة " حلم اكتب أغنية لمنير " . يقفز ذهن القاريء إلى سمات تلك المرحلة العمرية وطبيعتها وحدود الحلم فيها . وبالتالي على القاريء أن يقفز خارج القصيدة لاستكمال المعنى . كذلك في سردية / قصيدة ( في الشجر الناشف والجميز ) .
الإيقاع : لعل السرد الشّعري يمنح النص متسعا للحركة بين إيقاعاتٍ مُختلفة حسب بؤرة السّرد أو نقطة الصراع التي يُعالجها الشاعر ، فيتدرّج بين أوزان وبحور مختلفة داخل القصيدة الواحدة وصولا إلى مرحلة فقدان الوزن أو النثر العامي . 
وأخيرا .. بقي أن أؤكّد على خصوصيّة هذه المجموعة وحاجتها لدراسة مفصّلة تستقصي كل جوانب الإبداع فيها .
عبدالنبي عبادي 
الثلاثاء 28 ابريل 2015  -  3 صباحا

التسميات: , ,

0 تعليقات:

إرسال تعليق

شاركنا برأيك

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية