النيش والحب
النيش
والحب
بقلم / فتحي حمدالله
يمر الإنسان بمراحل
مختلفه من خلال نموه ، وتطوره جسديًا
وفكرياً وثقافيًا ؛ ليصل إلى مرحلة النضج وتمام نمو جسده ووعيه بتفاصيل الحياة
التي يعيشها .
ويسعى
الشاب في فترة فحولته إلى تكوين أسرة ؛
لغريزة أودعها الله فيه تناديه نحو
الإرتباط بنوع مختلف بيولوجيًا والسكن
إليه ( الأنثى ) ، وذلك ضمانًا لاستمرار النوع الإنساني .
وعندما
يقع إختياره على شريكته في الحياة ، تبدأ رحلة من المعاناة ، وتفرض عليه مجموعه من الطقوس والترتيبات
المثقلة والتي ينوء بحملها الرجال الأغنياء أولى القوة ، فما بالك بشاب يخطو أولى
خطواته في الحياة العملية .
ترعى
هذه الإجراءات والترتيبات أم العروسة وأم العريس ، ولكونهما سيدتان فإنهما تميلان إلى حفظ حق الطرف المؤنث ، فيطالبنه بمهر وشبكة ووأثاث
وملابس وأدوات منزلية وكهربائية ، و أيضًا
حجرة للأطفال ، وتزيد الأسر في
الصعيد الأمر تعقيدًا ببند المأكولات التي
تقدم لأهل العريس في أيام الزواج الأولى ، حيث يرسل لبيت العريس طيلة سبعة أيام
متواصلة المأكولات الشهية الساخنة في وجبتين متتاليتين : الغداء ، العشاء وهو
الأوفر حيث يتضمن اللحوم والحمام البلدي المحمر وغيره من أنواع الأطعمة .
و
تلجأ الأسر غير الميسورة إلى ترتيبات إقتصادية مكلفة عند تزويج البنات ، مثل رهن
قطعة أرض أو بيعها ، أو بيع كل غالٍ ونفيس ؛ من أجل تستير البنات ، وتبالغ الأسر
على إختلاف قدراتها الإقتصادية في مثل هذه التجهيزات بشكل تراكمي بحيث يتم زيادة
مثل هذه التجهيزات كل عام مما أدى إلى إنصراف الشباب عن الزواج المكلف وارتفاع سن
الزواج بشكل ملحوظ في جنوب مصر .
ومن
أعجب المنقولات الزوجية " النيش
" وهو دولاب زجاجي تحفظ فيه مجموعة من الأكواب
والماجات والأطقم ، للعرض فقط تظل هكذا
ثابتة دون أي دور في مسيرة الغذاء الأسري لسنوات .
وقد نلحظ مشاعر الكراهية تجاه النيش من البعض ، ونسمع عبارات الإعتراض عليه ، لكنه يبقى رغم
كل ذلك الشيء الوحيد غير المرغوب فيه والباقي ما بقى الأمن مستتبًا في إجراءات
الزواج المصري .
وقد
أدت مشاعر الكراهية للنيش إلى إطلاق الشباب للمبادرات ضد النيش ، بالتوازي مع
مبادرات تنادي بإسقاط الشبكة الزوجية كأهم عقبة في سبيل رحلة الشاب نحو تكوين اسرة
، وعلى نبل مبادرات إسقاط الشبكة إلا أنني اراها مجحفة وغير مستندة إلى أساس شرعي
حيث ورد في الحديث قول النبي ص لمن يرغب في الزواج "انظر ولو خاتمًا من حديد"
كدليل لأهمية الشبكة الزوجية إضافة إلى
المهر المقدم للزوجة ، مع إمكانية التخفيف إلى أبعد حد ما يتناسب مع الحالة
الإقتصادية لزوج المستقبل .
الشيء
الذي أراه في النيش و مشابهاً للحياة الزوجية للكثيرين من المصريين ، هو حالة
الإختزان للأشياء النادرة دون استخدام سواء داخل النيش ، أو بمكنون صدورنا من
مشاعر محبة وتقدير للطرف الآخر دون أن يظهر ذلك في تصرفاتنا اليومية أو في
عباراتنا .
لذلك
أدعو كل الأزوج إلى تحطيم بوابات النيش المغلقة والإستخدام الأمثل لمحتوياته بشكل
رشيد ، وإن تعسر ذلك الأمر لعدم اتفاق الأطراف الداخلية حول ذلك ، فإنني أدعو
لاستخدام النيش المعنوي بمحتوياته من المنقولات العاطفية التي أهملنا تلميعها وعرضها بمرور سنين الزواج
.
التسميات: مقالات
2 تعليقات:
حياك يا استاذ فتحى على المقال الجميل ده ..
أشكرك أستاذ / محمد على مع خالص تقديري
فتحي حمدالله
إرسال تعليق
شاركنا برأيك
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية