05‏/01‏/2017

يس التهامى بلبل الصعيد وخادم المدح الشريف


كتب .محمد نصار
فى عام 1992 قبلت دعوة من أحد اقاربى لحضور حفلة للشيخ يس التهامى فى منطقة التجنيد بقنا وكانت الحفلة بمناسبة ذكرى ميلاد العارف بالله سيدى عبدالرحيم القنائى وكانت المفاجأة عندما انشد الشيخ قصيدة للفرزدق والتى كان يمدح فيها الإمام على زين العابدين بن الإمام الحسين بن على وكان مطلعها :هذا الذى تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحل والحرم. 
والملفت للنظر أن هذه القصيدة كانت مقررة  فى كتاب اللغة العربية وقتها للصف الأول الثانوى. 
تفاجئت عندما رأيت رجلا يرتدى جلباب وعمامة نطق القصيدة بلغة فصحى خالية من الأخطاء وبدون أن يمسك بورقة فى يديه.
يغزو بجلبابه وبلباسه والمتواضع وعمامته الفريدة أعرق المسارح واعرق الساحات بل واعرق المدن العالمية، فقد زار الشيخ جميع الدول العربية وغرد فى شتى بقاع الأرض .
ومن هذا الوقت أصبحت من رواد الشيخ ومن سامعيه والذى تعلمت على يديه وحفظت المئات من القصايد والاشعار والذى كان ملفت للنظر لكثير من أصدقائي  وأحبابى. 
يس التهامى أكثر من أربعين عاما وهو ينشد ويغرد بأعقد وأفصح الأشعار فى زمن هجرنا فيه فيه مثل هذا النوع من الأدب الرفيع والفن الراقي .
زمن انهارت فيه الكلمة واندثرت فيه المفردات وغابت عنه المعانى.
أنشد الشيخ لكثير من الشعراء الذين لم نسمع عنهم إلا فى أبحاث ورسائل الماجستير والدكتوراه. شعراء اندثرت أسماءهم تحت التراب وعفى عليها الزمن ولم تتعود على شعرهم مسامع القراء.
ولكن بفضل هذا الرجل أعيد ذكرهم للمسامع وانتبهت إليهم الأذهان من جديد.
منهجه فى الإنشاد هو وحدة الوجود وحب الله ورسوله والصالحين والتابعين وولاءه للكلمة الطيبة التى تدعو إلى الحب والخير. 
ينشر بذور المحبة فى كل بقاع المعمورة فى زمن انتشرت فيه الفتن وسادت فيه المادية وطغت فيه لغة المصالح وتجمدت فيه صفات الخير والمحبة والأخوة. 
الشيخ صاحب الصوت الشجى المتألم الحزين، صاحب العيون الذابلة ،تراه يرفع ويخفض يداه حتى مسبحته الطاهرة تسمع صوت ضجيجها وهى تتألم من جراح البعد واهات العشق والآلام والحنين..
فأنشد الشيخ لابن الفارض ومحى الدين ابن عربي وأبومدين الغوت والفرزدق والمتنبى وكثير من شعراء العصر العباسى أزهى عصور الشعر العربى،كما انشد لرواد الشعر الحديث  حيث انشد لأمير الشعراء أحمد شوقى وكذلك علية الجعار وأمين نخلة.
لم تتوقف السماء ليلة واحدة عن التمتع بمناجاته الإلهية وصراخ عشقه الإلهى. فى كل ليلة لم يمنعه تعب ولا مرض ولا سفر ولا ظروف ولا أى معوقات عن أداء واجبه الروحى..
حتى الآن مازال الشيخ يتجول فى بقاع المحروسة يمينًا ويسارًا شرقًا وغربًا جنوبًا وشمالاً ليفى برسالته العظيمة. .

التسميات:

0 تعليقات:

إرسال تعليق

شاركنا برأيك

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية