07‏/05‏/2017

كتب النبي خير بقلم . عبدالناصر أحمد

نتيجة بحث الصور عن الجدة
كتب . عبدالناصر أحمد 
جملةٌ تفاؤليةٌ ترددها الجدّةُ كلما سمعت صوت الغراب وهو ينعق أعلي نخلة المنزل المجاور لمنزلها وبدلا من ان تعتبره نذير شؤم تعتبره رسول أمل وباعثٌ للتفاؤل وللسلام وللابتهاج . ( كتب النبي خير ) . 
لتخبر أهل المنزل أن هناك خيرا وخبرا سعيدا في طريقه اليهم وعليهم أن يستبشروا خيرا بنعيق تلك الغرابيب . وعند رؤيتها للحدّاءة تردد (خيرخير) وما عليها إلا أن تهشها بقطعة طوب لتبعدها عن المكان . 
تقترب من كتاكيتها الصغار لتحميهم من الفتك وهي تحمل في حجرها المهتز طفلا تردد معه أهازيجها الغنائية ( حميدة جابت ولد . سمّته عبدالصمد . خطفت راسه الحدّاية ……) فيلمٌ مكتمل الاركان . الجدة هي بطلة هذا الفيلم السينمائي المتقن السيناريو والإخراج والمناظر الطبيعية والمؤثرات الصوتية والأبطال .
تخُط بنوَي التمر وهي تحمل أحفادها وحفيداتها الرضّع في حِجرها شريطة أن يكون عدد النوي سبع وجاراتها يتربّعن امامها في انتظار البشري السارة والخبر المُبهج وبعد ضمّها للنوي في يدها اليمني توشوشه ببعض التمائم والتعويذات المشروعة وفي أولها وهي الأشهَر ( كتب النبي خير ) ثم تضعهن ببطء بمقدمة أناملها المتشققة في حفنة من تراب ليركب النوي بعضه بعضا أو يتبعثر في أرجاء المكان ولموقع كل نواة هدف ووظيفة وتأويل مختلف كأن يركب النوي بعضه بعضا فيرتفع صوت الجدة ممزوجا بالفرحة ( إن أباكم أو عمكم أو أخاكم الأكبر في طريقه إليكم من سفره البعيد وها هو يحمّل الأمتعة من شنط وتلاليس فوق سيارة بيجوه . 
(هكذا أخبرني الخَط بالنوي) . ويتم الوصول إلي الأهل بسلامة الله .
تردفُ قائلةً ألم أقل لكن لقد رفّت عيني اليمني منذ أيام ووضعت فوقها قشرة من عود الذرة (عُودة) لتتوقف عن الرف فعرفت من ساعتها أن خيرا في طريقه الينا .
فيرددن في جماعة صدقتِ : وكتب النبي خير .
وضعت الجدة تلك العودة لأطول فترة ممكنة فوق عينها اليمني لتخبر نسوة الحي بأنها متفائلة أما أن رفّت اليسري فإنها غالبا لا تخبر أحدا إلا بعد حدوث مكروه لا قدر الله فقط لتقسم لهن أنها ربما كانت تشعر بذلك ولكنها من باب التفاؤل لم تخبرهن خشية إستيائهن وحزنهن . 
أحد أفراد أسرتها الصغيرة اقترب موعد زفافه ولا بد من إصغاءه لتعليمات ونصائح الجدة كأن : عليك بارتداء ملابسك الداخلية مقلوبة وهو يعترضها مع أن من السنة ارتداءها معتدلة يا جدة . فتكمل ولا تأكل أو تشرب شيئا من أحد أيا كان . 
حوّلت الجدة طيور التشاؤم كالغراب والحداءة الي طيورتفاؤل وسلام . اما إن طال جلوس أحدهما فوق شجرة قريبة منها واستمر في ( القوّيق ) انزعجت الجدة وصاحت خلاص غوروا من هنا . وكتب النبي خير . 
كلما رأت رؤيا منامية وقبل أن تقُصُّها علي صديقاتها وجيرانها تستهل قبل السرد وتستفتح دائما بهذا المفتتح الرائع : كتب النبي خير ثم تبدأ .
ليغبطها النسوة أيا كانت الرؤيا بتأويلهن إنها رؤية طيبة وصالحة وتحمل بين ثناياها السرور والفرح والسعادة . 
حضور النبي صلي الله عليه وسلم ومحبته في موروثات الجماعة الشعبية بقوة يدل علي أن المجتمع القروي بالفعل متدين بطبعه ولا ريب في ذلك . 
تعلم الجدة تماما أن الأقدار بيد الله والسعادة والشقاء بيد الله وأنه الذي يعلم السر وأخفي وما كان وما سيكون هو الله وهو الضار النافع .
لم تبحث الجدة ولم تحاول أن تسأل عن تفسير لغوي دقيق لـ (كتب النبي خير) ولكنه التفاؤل وحب النبي وأن تفسيرها الفطري لذلك أن :  ياربنا ببركة النبي محمد وبجاهه ومنزلته عندك ومحبتك إياه اجعل أيامنا خيرا ومستقبلنا خيرا . 

التسميات: , ,

0 تعليقات:

إرسال تعليق

شاركنا برأيك

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية